فهمزه بيده من خلفه ، وقال له : مه يا بني ، فلا والله ما لك على الله هذا ولا لك أن يأجرك ولا يخلف عليك وقد بلغك أنه يشرب الخمر فائتمنته ، فقال إسماعيل : يا أبه إني لم أره يشرب الخمر إنما سمعت الناس يقولون ، فقال : يا بني إن الله عز وجل يقول في كتابه ( يُؤْمِنُ بِاللهِ وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ ) (١) يقول : يصدق لله ويصدق للمؤمنين ، فإذا شهد عندك المؤمنون فصدقهم ، ولا تأتمن شارب الخمر ، فان الله تعالى يقول ( وَلا تُؤْتُوا السُّفَهاءَ أَمْوالَكُمُ ) (٢) فأي سفيه أسفه من شارب الخمر ، إن شارب الخمر لا يزوج إذا خطب ، ولا يشفع إذا شفع ، ولا يؤتمن على أمانة ، فمن ائتمنه على أمانة فاستهلكها لم يكن للذي ائتمنه على الله أن يأجره ولا يخلف عليه ».
إذ هو كما ترى كالصريح في اعتبار الشياع الذي هو أعلى أفراده قول الناس وشهادة المؤمنين ونحوهما مما هو مذكور فيه ، وبه أدرجه فيما دل على النهي عن ائتمان شارب الخمر.
ومنه يعلم أنه لا مدخلية لمفاده الذي يكون تارة علما وأخرى متاخما له وثالثة ظنا غالبا في حجيته ، وإنما المدار على تحققه ، بل ظاهر الصحيح المزبور عموم اعتباره لغير المذكورات في المتن ، بل صريحه ثبوت الفسق به ، ولعله كذلك وإن اقتصر الجماعة على الأمور المخصوصة ، لكن المراد غلبة تحقق الشياع فيها ، لا أن المراد عدم اعتباره وإن فرض تحققه في غيرها ، إذ لا دليل على ذلك ، بل لعل ظاهر الأدلة خلافه ، بل صريح بعضهم ثبوت الهلال وغيره به ، وحينئذ فالتحقيق ما عرفت.
ولا ينافي ذلك ما في بعض النصوص (٣) من حصر الحجة والقضاء
__________________
(١) سورة التوبة : ٩ ـ الآية ٦١.
(٢) سورة النساء : ٤ ـ الآية ٥.
(٣) الوسائل الباب ـ ٢ ـ من أبواب كيفية الحكم ـ الحديث ١.