كتابي فأنت معزول » لم ينعزل قبل أن يأتيه الكتاب بحال ، وإذا كتب إليه « إذا قرأت كتابي هذا فأنت معزول » لم يعزل قبل القراءة ، ثم إن قرأه بنفسه فذاك وإن قرئ عليه فوجهان : أحدهما لا ينعزل نظرا إلى صورة اللفظ ، والثاني الانعزال نظرا إلى المعنى عرفا ، لأن غرض الإمام إعلامه صورة الحال لا قراءته بنفسه ، ولو كان أميا فقرئ عليه فالحكم بالانعزال أظهر مع احتمال العدم ، نظرا إلى مدلول اللفظ ، ومثله في اختلاف ظاهر اللفظ والمعنى إطلاق الكتاب على مجموعه أو على الغاية المقصودة منه.
وتظهر الفائدة فيما لو ذهب بعض الكتابة بحيث تعذرت قراءته ، فإنه لا تصدق قراءة الكتاب إن جعلنا المفرد المضاف مفيدا للعموم ، كما هو رأي المحققين من الأصوليين ، وكذا القول في بلوغه ، هذا بحسب اللفظ.
وأما بالنظر إلى المعنى فالمقصود بلوغ ما يفيد الخبر أو قراءة ما يحصل به الغرض وإن لم يتم القراءة مع إمكانها فضلا عن تعذرها ، فتعتبر قراءة الفصول المقصودة التي يحصل بها إعادة المطلوب وإن بقي غيرها كالبسملة والحمد لله ونظائرهما ، إلى غير ذلك مما أطنب فيه العامة في كتبهم من الخرافات الفاسدة والاحتمالات الباردة المبتنية على اعتبارات واستحسانات ونحوهما المقصود فيها صيرورة الكتاب ضخما لينال به الجائزة من سلطان زمانه نسأل الله تعالى أن يعيذنا من هذه النيات السيئة ، وأن يعصمنا من الخيالات الشيطانية التي يوحيها بعض إلى بعض من زخرف القول وغروره ، فإنه ولي الصواب وإليه المرجع والمآب.