ما قضى به ، وقد تحصل بمن لم يبلغ رتبة الاجتهاد إذا كان من أهل النظر والذكاء ، ولا فرق في ذلك بيننا وبين غيرنا في هذا الحكم ، ولذا حكي عنهم ذكره أيضا في آداب القضاء وإن كان ( المصيب عندنا واحد ) دونهم ، فان المصيب عندهم الجميع ، إلا أن ذلك لا مدخلية له في هذا الحكم ، ضرورة أن الإصابة عندهم مع موافقة الاجتهاد للدليل المناسب للحكم ، والمفروض هنا الغفلة عنه ، وأنه إذا نبه عليه تنبه وعلم أن الدليل الذي اعتمده أولا غير صحيح بحسب ما يراه.
وبالجملة يراد حضورهم للتنبيه على فساد الاجتهاد إن كان ، وهذا أمر يشترك فيه الجميع ، فإن إصابة الواحد إنما هي في نفس الأمر لا في الظاهر ، ومن الجائز أن لا يكون الحكم الذي ينبه عليه ووجب اتباعه هو الصواب في نفس الأمر ، إلا أن الواجب في الظاهر اتباع الراجح بعد استفراغ الوسع في تحصيل دليله سواء طابق الواقع الذي لا يعلمه إلا الله تعالى شأنه أو لا.
وإلى ما ذكرنا يرجع ما عن ابن الجنيد من أنه لا بأس أن يشاور الحاكم غيره فيما اشتبه عليه من الأحكام ، فان أخبره بنص أو سنة أو إجماع خفي عليه عمل به ، ضرورة معلومية اعتبار الاجتهاد عندهم ( و ) أنه لا يكفي التقليد. فليس المراد حينئذ إلا أنه ( يخاوضهم فيما يشتبه من المسائل النظرية لتقع الفتوى مقررة ) ومحققة ، ليأمن بذلك عن الخطأ في حكم الله تعالى شأنه.
ويمكن أن يريد المصنف استحباب حضورهم حتى مع العلم بصحة الاجتهاد ، لاحتمال خطأ الحكم الواقعي فيه ، فيمكن أن يحصل من أحد منهم ما يرشد إلى ذلك وإن لم يتبين به فساد الاجتهاد ، ومن أن ذلك لا يتم إلا على أصولنا من أن المصيب واحد لا على أصولهم القائلين