منافية في الظاهر لما هو المعلوم ـ بل حكى عليه الإجماع بعضهم ـ من عدم جواز نقض الحكم الناشئ عن اجتهاد صحيح باجتهاد كذلك ، وإنما يجوز نقضه بالقطعي من إجماع أو سنة متواترة أو نحوهما.
بل عن الشيخ أن الحكم خطأ ولو بمخالفة القاطع لم ينقض إذا كان حقا للناس ، لأن صاحب الحق ربما أسقط حقه ، نعم ينقض إذا كان حقا لله عز وجل ، كالعتق والطلاق ، وبه أفتى الفاضل في القواعد أولا وإن كان فيه ما عرفت من عدم الإجماع على عدم جواز النقض فيما ذكرناه من الفرض.
وقد يناقش الشيخ بأن له الرئاسة العامة المقتضية للخطاب بإظهار الحق وتأييده ورد الباطل وإفساده من غير فرق بين الجميع ، نعم لو رضي المحكوم عليه بعد ظهور بطلان الحكم عليه ببذل ماله لمن في يده المال مثلا فلا بأس ، لأن الناس مسلطون على أموالهم ، ومجرد احتمال رضاه لا يرفع الخطاب بإظهار الحق وتدمير الباطل كما وقع منهم عليهمالسلام وخصوصا أمير المؤمنين عليهالسلام في قضايا متعددة وقعت من حكام الجور في زمانه (١).
نعم قد يقال : إن ذلك كله مع المخالفة للدليل العلمي الذي لا مجال للاجتهاد فيه ، ولكن وقع الحكم من الأول غفلة عنه أو جورا أو نحو ذلك ، أما القطعي النظري كإجماع استنباطي وخبر محفوف بقرائن وتكثر أمارات ونحو ذلك مما يمكن وجود عكسها عند الأول كما نراه بالعيان بين العلماء وخصوصا في دعوى الإجماع فلا يبعد عدم جواز النقض به في غير ما فرضناه ، ضرورة اندراج حكم الأول في الأدلة المقتضية لنصبه ،
__________________
(١) الوسائل الباب ـ ١٤ ـ من أبواب كيفية الحكم ـ الحديث ٦ والباب ٢١ منها الحديث ٢.