(أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّهُ مَنْ يُحادِدِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَأَنَّ لَهُ نارَ جَهَنَّمَ خالِداً فِيها ذلِكَ الْخِزْيُ الْعَظِيمُ (٦٣) يَحْذَرُ الْمُنافِقُونَ أَنْ تُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ سُورَةٌ تُنَبِّئُهُمْ بِما فِي قُلُوبِهِمْ قُلِ اسْتَهْزِؤُا إِنَّ اللهَ مُخْرِجٌ ما تَحْذَرُونَ (٦٤))
ثمّ قال سبحانه على وجه التقريع والتوبيخ لهؤلاء المنافقين : (أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّهُ) أنّ الشأن (مَنْ يُحادِدِ اللهَ وَرَسُولَهُ) يشاققهما ، مفاعلة من الحدّ (فَأَنَّ لَهُ نارَ جَهَنَّمَ خالِداً فِيها) على حذف الخبر ، أي : فحقّ أنّ له ، أو على تكرير «أنّ» للتأكيد.
ويجوز أن يكون معطوفا على «أنّه» ، ويكون الجواب محذوفا ، تقديره : من يحادد الله ورسوله يهلك فأنّ له نار جهنّم خالدا فيها (ذلِكَ الْخِزْيُ الْعَظِيمُ) يعني : الهلاك الدائم.
روي : أنّ المنافقين كانوا يستهزؤن بالإسلام ، فكانوا يحذرون أن يفضحهم الله بالوحي ، فنزلت في شأنهم : (يَحْذَرُ الْمُنافِقُونَ أَنْ تُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ) أي : على المؤمنين (سُورَةٌ تُنَبِّئُهُمْ بِما فِي قُلُوبِهِمْ) وتهتك عليهم أستارهم. ويجوز أن تكون الضمائر للمنافقين ، فإنّ النازل فيهم كالنازل عليهم ، من حيث إنّه مقروء ومحتجّ به عليهم.
وقيل : اللفظ لفظ الخبر ومعناه الأمر ، أي : ليحذر المنافقون أن تنزّل عليهم سورة تخبرهم بما في قلوبهم من النفاق. وهذا حسن ، لأنّ موضع الكلام على التهديد ، لقوله : (قُلِ اسْتَهْزِؤُا) أي : اطلبوا الهزء ، هو وعيد بلفظ الأمر (إِنَّ اللهَ مُخْرِجٌ) مبرز أو مظهر (ما تَحْذَرُونَ) ما تحذرونه من إنزال السورة فيكم ، أو ما تحذرون إظهاره من مساويكم.
وقيل : هذا الحذر أظهروه على وجه الاستهزاء لا على سبيل التصديق ، لأنّهم