(إِنَّمَا الصَّدَقاتُ لِلْفُقَراءِ وَالْمَساكِينِ وَالْعامِلِينَ عَلَيْها وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقابِ وَالْغارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللهِ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (٦٠))
ثمّ بيّن مصارف الصدقات تصويبا وتحقيقا لما فعله الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم ، ودلالة على أنّ أهل النفاق ليسوا من مستحقّيها ، وأنّهم بعداء عن مصارفها ، فما لهم التكلّم فيها ولمن قاسمها ، فقال : (إِنَّمَا الصَّدَقاتُ لِلْفُقَراءِ وَالْمَساكِينِ) أي : الزكوات لهؤلاء الأصناف الثمانية مختصّة بهم ، ولا يجوز صرفها في غيرهم ، ونحوه : إنّما السخاء لحاتم ، أي : ليس لغيره ، ويحتمل أن يصرف إلى بعضها. وعن حذيفة وابن عبّاس وغيرهما من الصحابة أنّهم قالوا : في أيّ صنف منها وضعتها أجزأك. وهو مذهبنا.
فأتى بـ «إنّما» الّتي للحصر للدلالة على أنّه لا يستحقّها سوى هؤلاء المذكورين.
واختلف في اللام في الفقراء هل للتمليك أو لبيان المصرف؟ فقال الشافعي : بالأوّل ، فيجب البسط على الأصناف ، ويعطى من كلّ صنف ثلاثة لا أقلّ. وقال مالك وأبو حنيفة بالثاني ، فلا يجب البسط ، بل لو أعطى زكاته واحدا من أيّ صنف كان جاز ، لكن أبو حنيفة لا يعطي ما يؤدّي إلى الغنيّ ، فلو خالف فعل مكروها ، وملكه المعطى ، وبرئت الذمّة. ومالك يجوّز ذلك إذا أمّل إغناءه.
وقال أصحابنا : يجوز أيّ صنف كان ولو واحدا منهم ، لكنّ البسط أفضل ، وبذلك قال ابن عبّاس وحذيفة وغيرهما من الصحابة ، لأنّ كون اللام للتمليك لا وجه له ، فإنّ المستحقّ لا يملك قبل الأخذ ، ولأنّ حملها على بيان المصرف موافق لقول النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم الّذي عابه المنافقون ، فيكون أولى.
والفقير من لا مال له ولا كسب يقع موقعا من حاجته ، من الفقار ، كأنّه أصيب