(ثُمَّ تابَ عَلَيْهِمْ) تكرير للتأكيد ، وتنبيه على أنّه تاب عليهم من أجل ما كابدوا من العسرة (إِنَّهُ بِهِمْ رَؤُفٌ رَحِيمٌ) تداركهم برأفته ورحمته.
(وَعَلَى الثَّلاثَةِ) وتاب الله على الثلاثة. وهم : كعب بن مالك ، وهلال بن أميّة ، ومرارة بن الربيع. (الَّذِينَ خُلِّفُوا) تخلّفوا عن الغزو ، أو خلّف أمرهم ، فإنّهم المرجون (حَتَّى إِذا ضاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِما رَحُبَتْ) أي : برحبها ، لإعراض الناس عنهم بالكلّيّة. وهو مثل لشدّة الحيرة ، كأنّهم لا يجدون في الأرض موضع قرار (وَضاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنْفُسُهُمْ) قلوبهم من فرط الوحشة والغمّ بحيث لا يسعها أنس وسرور (وَظَنُّوا) وعلموا (أَنْ لا مَلْجَأَ مِنَ اللهِ) من سخطه (إِلَّا إِلَيْهِ) إلّا إلى استغفاره.
(ثُمَّ تابَ عَلَيْهِمْ) رجع عليهم بالقبول والرحمة كرّة بعد اخرى (لِيَتُوبُوا) ليستقيموا على توبتهم ويثبتوا ، أو ليتوبوا أيضا في المستقبل إن فرطت منهم خطيئة.
أو المعنى : رجع عليهم بالتوفيق للتوبة ليتوبوا ، أو أنزل قبول توبتهم ، أو سهّل الله عليهم التوبة ليتوبوا. (إِنَّ اللهَ هُوَ التَّوَّابُ) لمن تاب ولو عاد في اليوم مائة مرّة (الرَّحِيمُ) المتفضّل عليهم بالنعم.
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ (١١٩))
ثمّ خاطب سبحانه المؤمنين المصدّقين بالله المقرّين بنبوّة محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فقال : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ) فيما لا يرضاه (وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ) في إيمانهم وعهودهم ، أو في دين الله نيّة وقولا وعملا ، أي : في توبتهم وإنابتهم ، فيكون المراد به هؤلاء الثلاثة وأضرابهم.