علما ، ولم يشاهد عالما ، ولم ينشئ شعرا ولا خطبة ، ثمّ قرأ عليهم كتابا بذّت (١) فصاحته فصاحة كلّ منطيق فصيح ، وعلا عن كلّ منثور ومنظوم ، واحتوى على قواعد علمي الأصول والفروع ، وأعرب عن أقاصيص الأوّلين وأحاديث الآخرين على ما هي عليه ، علم أنّه معلّم به من الله تعالى. (أَفَلا تَعْقِلُونَ) أي : أفلا تستعملون عقولكم بالتدبّر والتفكّر فيه لتعلموا أنّه ليس إلّا من الله تعالى؟! (فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللهِ كَذِباً) أي : لا أحد أظلم ممّن اخترع على الله كذبا. وهذا تفاد ممّا أضافوه إليه كناية ، أو تظليم للمشركين بافترائهم على الله في قولهم : إنّه لذو شريك وذو ولد. (أَوْ كَذَّبَ بِآياتِهِ) فكفر بها (إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الْمُجْرِمُونَ) أي : المشركون المتوغّلون في الطغيان والعصيان.
(وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ ما لا يَضُرُّهُمْ وَلا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هؤُلاءِ شُفَعاؤُنا عِنْدَ اللهِ قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللهَ بِما لا يَعْلَمُ فِي السَّماواتِ وَلا فِي الْأَرْضِ سُبْحانَهُ وَتَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ (١٨) وَما كانَ النَّاسُ إِلاَّ أُمَّةً واحِدَةً فَاخْتَلَفُوا وَلَوْ لا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ فِيما فِيهِ يَخْتَلِفُونَ (١٩) وَيَقُولُونَ لَوْ لا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَقُلْ إِنَّمَا الْغَيْبُ لِلَّهِ فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ (٢٠) وَإِذا أَذَقْنَا النَّاسَ رَحْمَةً مِنْ بَعْدِ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُمْ إِذا لَهُمْ مَكْرٌ فِي آياتِنا قُلِ اللهُ أَسْرَعُ مَكْراً إِنَّ رُسُلَنا يَكْتُبُونَ ما تَمْكُرُونَ (٢١))
__________________
(١) بذّ يبذّ : غلب وفاق.