(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ما لَكُمْ إِذا قِيلَ لَكُمُ انْفِرُوا فِي سَبِيلِ اللهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ أَرَضِيتُمْ بِالْحَياةِ الدُّنْيا مِنَ الْآخِرَةِ فَما مَتاعُ الْحَياةِ الدُّنْيا فِي الْآخِرَةِ إِلاَّ قَلِيلٌ (٣٨) إِلاَّ تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذاباً أَلِيماً وَيَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ وَلا تَضُرُّوهُ شَيْئاً وَاللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (٣٩) إِلاَّ تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُما فِي الْغارِ إِذْ يَقُولُ لِصاحِبِهِ لا تَحْزَنْ إِنَّ اللهَ مَعَنا فَأَنْزَلَ اللهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْها وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلى وَكَلِمَةُ اللهِ هِيَ الْعُلْيا وَاللهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (٤٠))
روي أنّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم لمّا رجع من الطائف أمر بالجهاد لغزوة الروم ، وذلك في زمان عسرة وقيظ وقحط ووقت إدراك الثمار ، فأحبّوا المقام في المسكن والمال ، وشقّ عليهم الخروج إلى القتال ، وكان صلىاللهعليهوآلهوسلم قلّما خرج في غزوة إلّا كنّى عنها وورّى بغيرها إلّا غزوة تبوك ، لبعد شقّتها وكثرة العدوّ ، ليتأهّب الناس ، فأخبرهم بالّذي يريد واستنفرهم. فلمّا علم الله سبحانه تثاقل الناس عاتبهم فقال : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ما لَكُمْ إِذا قِيلَ لَكُمُ انْفِرُوا) اخرجوا (فِي سَبِيلِ اللهِ) في الجهاد للقربة ، وهو هنا غزوة تبوك (اثَّاقَلْتُمْ) أصله : تثاقلتم ، فأدغمت التاء في الثاء ثمّ أدخلت همزة الوصل ، أي : تباطأتم (إِلَى الْأَرْضِ) متعلّق به ، كأنّه ضمّن معنى الإخلاد والميل فعدّي بـ «إلى» أي : ملتم إلى الإقامة بأرضكم ودياركم (أَرَضِيتُمْ بِالْحَياةِ الدُّنْيا) وغرورها (مِنَ الْآخِرَةِ) بدل الآخرة ونعيمها (فَما مَتاعُ الْحَياةِ الدُّنْيا) فما التمتّع بها (فِي الْآخِرَةِ) في جنب الآخرة (إِلَّا قَلِيلٌ) مستحقر.
(إِلَّا تَنْفِرُوا) إن لا تنفروا إلى ما استنفرتم إليه (يُعَذِّبْكُمْ عَذاباً أَلِيماً) بالإهلاك بسبب فظيع ، كقحط وظهور عدوّ (وَيَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ) ويستبدل بكم