للدلالة على أنّ كلّ واحد منهما مخلوط بالآخر ، كما تقول : خلطت الماء واللبن ، تريد خلطت كلّ واحد منهما بصاحبه ، وفيه ما ليس في قولك : خلطت الماء باللبن ، لأنّك جعلت الماء مخلوطا واللبن مخلوطا به ، وإذا قلته بالواو جعلت الماء واللبن مخلوطين ومخلوطا بهما ، كأنّك قلت : خلطت الماء باللبن واللبن بالماء.
وفيه دلالة على بطلان القول بالإحباط ، لأنّه لو كان أحد العملين محبطا لم يكن لقوله : «خلطوا» معنى ، لأنّ الخلط يستعمل في الجمع مع امتزاج ، كخلط الماء واللبن ، وبغير امتزاج ، كخلط الدنانير والدراهم.
(عَسَى اللهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ) أن يقبل توبتهم. وهي مدلول عليها بقوله : (اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ). (إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) يتجاوز عن التائب ويتفضّل عليه.
(خُذْ مِنْ أَمْوالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِها وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (١٠٣) أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبادِهِ وَيَأْخُذُ الصَّدَقاتِ وَأَنَّ اللهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (١٠٤) وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلى عالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (١٠٥))
روي أنّه لمّا نزلت هذه الآية أطلقهم رسول صلىاللهعليهوآلهوسلم بنفسه النفيسة ، ولمّا أطلقوا قالوا : يا رسول الله هذه أموالنا الّتي خلّفتنا فتصدّق بها وطهّرنا. فقال : ما أمرت أن آخذ من أموالكم شيئا ، فنزلت : (خُذْ مِنْ أَمْوالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ) من الذنوب ، أو حبّ المال المؤدّي بهم إلى مثله. والفعل صفة للصدقة ، أي : صدقة مطهّرة. ويجوز