ولمّا زجرهم عن الكفر ، وأوعدهم بما ذكر من التمثيل ، صدّا لهم عن صنيع الجاهليّة ومذاهبها الفاسدة ، أمرهم بأكل ما أحلّ الله لهم ، وشكر ما أنعم عليهم ، فقال : (فَكُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللهُ حَلالاً طَيِّباً وَاشْكُرُوا نِعْمَتَ اللهِ) إنعامه بذلك (إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ) تطيعون ، أو إن صحّ زعمكم أنّكم تعبدون الله بعبادة الآلهة ، لأنّها شفعاؤكم عنده.
(إِنَّما حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَما أُهِلَّ لِغَيْرِ اللهِ بِهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ باغٍ وَلا عادٍ فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (١١٥))
ولمّا أمرهم بتناول ما أحلّ لهم ، عدّد عليهم ما حرّم عليهم ، فقال : (إِنَّما حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَما أُهِلَّ لِغَيْرِ اللهِ بِهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ باغٍ وَلا عادٍ فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) مقتضى سياق الكلام وتصدير الجملة بـ «إنّما» حصر المحرّمات في الأجناس الأربعة ، إلّا ما ضمّ إليه دليل كالسباع. وهذه الآية والّتي قبلها مفسّرتان في سورة البقرة ، فليطالع ثمّة (١).
(وَلا تَقُولُوا لِما تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هذا حَلالٌ وَهذا حَرامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللهِ الْكَذِبَ لا يُفْلِحُونَ (١١٦) مَتاعٌ قَلِيلٌ وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ (١١٧) وَعَلَى الَّذِينَ هادُوا حَرَّمْنا ما قَصَصْنا عَلَيْكَ مِنْ قَبْلُ وَما ظَلَمْناهُمْ وَلكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (١١٨))
__________________
(١) راجع ج ١ ص ٢٨٥ ذيل الآية ١٧٢ ـ ١٧٣ من سورة البقرة.