طاعة الله (وَهُمْ مُعْرِضُونَ) وهم قوم عادتهم الإعراض عنها. وبعد نزول هذه الآية جاء ثعلبة بالصدقة ، فقال صلىاللهعليهوآلهوسلم : «إنّ الله منعني أن أقبل منك».
فجعل يحثوا التراب على رأسه. فقال : هذا عملك ، قد أمرتك فلم تطعني. فقبض رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فجاء بها إلى أبي بكر فلم يقبلها ، ثمّ جاء بها إلى عمر في خلافته فلم يقبلها ، وهلك في زمان عثمان.
(فَأَعْقَبَهُمْ نِفاقاً فِي قُلُوبِهِمْ) أي : فجعل الله تعالى عاقبة فعلهم ذلك نفاقا وسوء اعتقاد في قلوبهم ، وتخلية وخذلانا ، يعني : خذلهم حتّى نافقوا فتمكّن النفاق في قلوبهم ، لا ينفكّ عنها إلى أن يموتوا. وعن الحسن وقتادة : أن الضمير للبخل.
والمعنى : فأورثهم البخل نفاقا متمكّنا في قلوبهم (إِلى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ) يلقون عملهم ، أي : جزاءه ، وهو يوم القيامة (بِما أَخْلَفُوا اللهَ ما وَعَدُوهُ) بسبب إخلافهم ما وعدوه من التصدّق والصلاح (وَبِما كانُوا يَكْذِبُونَ) وبكونهم كاذبين فيه ، فإنّ خلف الوعد متضمّن للكذب مستقبح ، ومنه جعل خلف (١) الوعد ثلث النفاق. أو في المقال مطلقا.
(أَلَمْ يَعْلَمُوا) أي : المنافقون ، أو من عاهد الله تعالى (أَنَّ اللهَ يَعْلَمُ سِرَّهُمْ) ما أسرّوه في أنفسهم من النفاق ، أو العزم على الإخلاف (وَنَجْواهُمْ) وما يتناجون به فيما بينهم من المطاعن في الدين ، أو تسمية الزكاة جزية (وَأَنَّ اللهَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ) فلا يخفى عليه ذلك.
(الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقاتِ وَالَّذِينَ لا يَجِدُونَ إِلاَّ جُهْدَهُمْ فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ سَخِرَ اللهُ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ (٧٩))
__________________
(١) في هامش النسخة الخطّية : «لأن المنافق هو الذي إذا وعد أخلف ، وإذا ائتمن خان ، وإذا حدّث كذب».