يحبّ وينطوي بقلبه على ما يكره ، ويضمر خلاف ما يظهر ، فنزلت هذه الآية.
وقيل : نزلت في المنافقين. وفيه نظر ، إذ الآية مكّيّة والنفاق حدث بالمدينة.
ويؤيّد الأوّل ما روى العيّاشي بإسناده عن أبي جعفر عليهالسلام قال : «أخبرني جابر بن عبد الله أنّ المشركين إذا مرّوا برسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم طأطأ أحدهم رأسه وولّى ظهره وغطّى رأسه بثوبه حتّى لا يراه رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فأنزل الله هذه الآية».
(أَلا حِينَ يَسْتَغْشُونَ ثِيابَهُمْ) أي : حين يتغطّون بثيابهم (يَعْلَمُ ما يُسِرُّونَ) في قلوبهم (وَما يُعْلِنُونَ) بأفواههم. يعني : يستوي في علمه سرّهم وعلنهم ، فكيف يخفى عليه ما عسى يظهرونه؟! (إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ) بأسرار ذات الصدور ، أو بالقلوب وأحوالها.
(وَما مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلاَّ عَلَى اللهِ رِزْقُها وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّها وَمُسْتَوْدَعَها كُلٌّ فِي كِتابٍ مُبِينٍ (٦))
ثمّ بيّن أنّه عالم بجميع المعلومات كلّها ، تقريرا لعلمه بأسرار العباد وإعلانهم ، فقال : (وَما مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللهِ رِزْقُها) غذاؤها ومعاشها ، لتكفّله إيّاه تفضّلا ورحمة. ولمّا ضمن سبحانه أن يتفضّل بالرزق عليهم وتكفّل به صار التفضّل واجبا ، فلذلك جاء بلفظ الوجوب ، كالنذور الواجبة على العباد.
(وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّها) مواضع قرارها ومسكنها من الأرض (وَمُسْتَوْدَعَها) حيث كانت مودعة. قيل : الاستقرار في أصلاب الآباء وأرحام الأمّهات. أو المراد منهما أماكنهما في الحياة والممات. (كُلٌ) كلّ واحد من الدوّاب وأحوالها (فِي كِتابٍ مُبِينٍ) مذكور في اللوح المحفوظ.