مَنْ كانَ يُرِيدُ الْحَياةَ الدُّنْيا وَزِينَتَها) وحسن بهجتها ، بإحسانه تعالى وبرّه (نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمالَهُمْ فِيها) نوفّر عليهم أجور أعمالهم في الدنيا وما يرزقون فيها ، من الصحّة وسعة الرزق والرئاسة وكثرة الأولاد (وَهُمْ فِيها لا يُبْخَسُونَ) لا ينقصون شيئا من أجورهم. قيل : هذه الآية في أهل الرياء. وقيل : في المنافقين.
وقيل : في الكفرة وبرّهم.
(أُولئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ إِلَّا النَّارُ) مطلقا في مقابلة ما عملوا ، لأنّهم استوفوا ما تقتضيه صور أعمالهم الحسنة ، وبقيت لهم أوزار العزائم السيّئة (وَحَبِطَ ما صَنَعُوا) ما صنعوه ، أي : لم يكن لصنيعهم ثواب (فِيها) في الآخرة ، لأنّهم لم يريدوا به وجه الله ، والعمدة في اقتضاء ثوابها هو الإخلاص. ويجوز تعليق الظرف بـ «صنعوا» على أنّ الضمير للدّنيا. (وَباطِلٌ) في نفسه (ما كانُوا يَعْمَلُونَ) لأنّه لم يعمل على الوجه الصحيح الّذي هو ابتغاء وجه الله ، والعمل الباطل لا ثواب له.
وكأنّ كلّ واحدة من الجملتين علّة لما قبلها.
(أَفَمَنْ كانَ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ وَيَتْلُوهُ شاهِدٌ مِنْهُ وَمِنْ قَبْلِهِ كِتابُ مُوسى إِماماً وَرَحْمَةً أُولئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ مِنَ الْأَحْزابِ فَالنَّارُ مَوْعِدُهُ فَلا تَكُ فِي مِرْيَةٍ مِنْهُ إِنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يُؤْمِنُونَ (١٧))
(أَفَمَنْ كانَ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ) على برهان وحجّة من الله يدلّه على أنّ دين الإسلام هو الحقّ والصواب فيما يأتيه ويذره. وهو دليل العقل. والهمزة لإنكار أن يتّبع من هذا شأنه هؤلاء المقصّرين هممهم وأفكارهم على الدنيا ، وأن يقارب بينهم في المنزلة. يريد أنّ بين الفريقين تفاوتا بعيدا وتباينا بيّنا ، وهو الّذي