ثمّ أخبر سبحانه عن حال يوسف في السجن ، فقال : (وَدَخَلَ مَعَهُ السِّجْنَ فَتَيانِ) أي : اتّفق أن أدخل مع يوسف السجن حينئذ آخران من عبيد الملك ، فإنّ «مع» يدلّ على معنى الصحبة ، فيجب أن يكون دخولهما السجن مصاحبين له.
وهما شرابيّه وخبّازه ، للاتّهام بأنّهما يريدان أن يسمّاه. (قالَ أَحَدُهُما) يعني : الشرابي (إِنِّي أَرانِي) أي : في المنام. وهي حكاية حال ماضية. (أَعْصِرُ خَمْراً) أي : عنبا. وسمّاه بما يئول إليه ، كما يقال : فلان يطبخ الدبس والآجرّ ، وإنّما يطبخ العصير واللبن. (وَقالَ الْآخَرُ) أي : الخبّاز (إِنِّي أَرانِي أَحْمِلُ فَوْقَ رَأْسِي خُبْزاً تَأْكُلُ الطَّيْرُ مِنْهُ) تنهش (١) منه.
عن الشعبي أنّهما تحالما له ليمتحناه ، فقال الشرابي : إنّي أراني في المنام في بستان فإذا أنا بأصل حبلة (٢) عليها ثلاثة عناقيد من عنب ، فقطفتها وعصرتها في كاس الملك ، وسقيته إيّاه. وقال الخبّاز : إنّي أراني في المنام فوق رأسي ثلاث سلال فيها أنواع الأطعمة ، فإذا سباع الطير تنهش منها.
__________________
(١) في هامش النسخة الخطّية : «النهش أول ما يأخذ الطير بمنقاره. منه».
(٢) في هامش النسخة الخطّية : «الحبلة ـ بالتحريك ـ القضيب من الكرم. وربما جاء بالتسكين. منه».