(أَوَلا يَرَوْنَ أَنَّهُمْ يُفْتَنُونَ فِي كُلِّ عامٍ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ لا يَتُوبُونَ وَلا هُمْ يَذَّكَّرُونَ (١٢٦) وَإِذا ما أُنْزِلَتْ سُورَةٌ نَظَرَ بَعْضُهُمْ إِلى بَعْضٍ هَلْ يَراكُمْ مِنْ أَحَدٍ ثُمَّ انْصَرَفُوا صَرَفَ اللهُ قُلُوبَهُمْ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَفْقَهُونَ (١٢٧))
ثمّ نبّه سبحانه على إعراض المنافقين عن النظر والتدبّر لما ينبغي أن ينظروا ويتدبّروا فيه ، فقال : (أَوَلا يَرَوْنَ) يعني : المنافقين. وقرأ حمزة بالتاء (أَنَّهُمْ يُفْتَنُونَ) يبتلون بأصناف البليّات ، كالمرض والقحط ، أو بالجهاد مع رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، ويعاينون أمره وما ينزل عليه من النصرة والتأييد ، أو يفتنهم الشيطان فينقضون عهودهم مع رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فيقتلهم وينكل بهم (فِي كُلِّ عامٍ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ لا يَتُوبُونَ) لا يتنبّهون ولا يتوبون من نفاقهم (وَلا هُمْ يَذَّكَّرُونَ) ولا يعتبرون.
(وَإِذا ما أُنْزِلَتْ سُورَةٌ نَظَرَ بَعْضُهُمْ) من المسلمين (إِلى بَعْضٍ) أي : تغامزوا بعيونهم إنكارا للوحي وسخريّة ، أو غيظا لما فيها من عيوبهم ، قائلين : (هَلْ يَراكُمْ مِنْ أَحَدٍ) من المسلمين لننصرف ، فإنّا لا نصبر على استماعه ، ويغلبنا الضحك ، فنخاف الافتضاح بينهم. أو ترامقوا يتشاورون في تدبير الخروج والانسلال لواذا (١) ، فإن لم يرهم أحد قاموا ، وإن يرهم أحد أقاموا. (ثُمَّ انْصَرَفُوا) عن حضرته مخافة الفضيحة (صَرَفَ اللهُ قُلُوبَهُمْ) عن الايمان خذلانا وتخلية. وهو يحتمل الإخبار والدعاء. (بِأَنَّهُمْ) بسبب أنّهم (قَوْمٌ لا يَفْقَهُونَ) لا يتدبّرون حتّى يفقهوا ويعلموا.
__________________
(١) أي : مستترين.