(هَلْ يَسْتَوِيانِ) هل يستوي الفريقان عند العقلاء (مَثَلاً) تمثيلا ، أو صفة أو حالا (أَفَلا تَذَكَّرُونَ) بضرب الأمثال والتأمّل فيها ، فتعلموا صحّة ما ذكرنا.
(وَلَقَدْ أَرْسَلْنا نُوحاً إِلى قَوْمِهِ إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ (٢٥) أَنْ لا تَعْبُدُوا إِلاَّ اللهَ إِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ عَذابَ يَوْمٍ أَلِيمٍ (٢٦) فَقالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ ما نَراكَ إِلاَّ بَشَراً مِثْلَنا وَما نَراكَ اتَّبَعَكَ إِلاَّ الَّذِينَ هُمْ أَراذِلُنا بادِيَ الرَّأْيِ وَما نَرى لَكُمْ عَلَيْنا مِنْ فَضْلٍ بَلْ نَظُنُّكُمْ كاذِبِينَ (٢٧) قالَ يا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَآتانِي رَحْمَةً مِنْ عِنْدِهِ فَعُمِّيَتْ عَلَيْكُمْ أَنُلْزِمُكُمُوها وَأَنْتُمْ لَها كارِهُونَ (٢٨))
ولمّا تقدّم ذكر الوعد والوعيد والترغيب والترهيب ، عقّب ذلك سبحانه بذكر أخبار الأنبياء ، تأكيدا لذلك ، وتخويفا للخلق ، وتسلية للنبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وبدأ بقصّة نوح عليهالسلام ، لأنّه شيخ الأنبياء وأبوهم بعد الطوفان وأسبقهم ، فقال : (وَلَقَدْ أَرْسَلْنا نُوحاً إِلى قَوْمِهِ إِنِّي لَكُمْ) بأنّي لكم ، أي : ملتبسا بهذا الكلام. وقرأ نافع وعاصم وابن عامر وحمزة بالكسر على إرادة القول (نَذِيرٌ مُبِينٌ) أبيّن لكم موجبات العذاب ووجه الخلاص.
(أَنْ لا تَعْبُدُوا إِلَّا اللهَ) بدل من «إنّي لكم» ، أو مفعول «مبين». ويجوز أن تكون «أن» مفسّرة متعلّقة بـ «أرسلنا» أو بـ «نذير». (إِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ عَذابَ يَوْمٍ أَلِيمٍ) مؤلم. وهو في الحقيقة صفة المعذّب ، لكن يوصف به العذاب وزمانه على طريقة : جدّ جدّه ، ونهارك صائم وليلك قائم ، للمبالغة.