(وَلا تُصَلِّ عَلى أَحَدٍ مِنْهُمْ ماتَ أَبَداً وَلا تَقُمْ عَلى قَبْرِهِ إِنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَماتُوا وَهُمْ فاسِقُونَ (٨٤) وَلا تُعْجِبْكَ أَمْوالُهُمْ وَأَوْلادُهُمْ إِنَّما يُرِيدُ اللهُ أَنْ يُعَذِّبَهُمْ بِها فِي الدُّنْيا وَتَزْهَقَ أَنْفُسُهُمْ وَهُمْ كافِرُونَ (٨٥))
روي أنّ ابن أبيّ المنافق دعا رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم في مرضه ، فلمّا دخل عليه سأله أن يستغفر له ، ويكفّنه في شعاره الّذي يلي جسده ويصلّي عليه ، فلمّا مات أرسل قميصه ليكفّن فيه ، وذهب ليصلّي عليه ، فأخذ جبرئيل بثوبه وتلا عليه : (وَلا تُصَلِّ عَلى أَحَدٍ مِنْهُمْ ماتَ أَبَداً) يعني : الموت على الكفر والنفاق.
واعلم أنّ «مات» وقع صفة للنكرة وهو «أحد». وأتى بصيغة الماضي ، وإن كان متعلّق النهي مستقبلا ، نظرا إلى وقت إيقاع الصلاة ، فإنّه بعد الموت ، فيكون الموت ماضيا بالنسبة إليه.
وإنّما قال : «أبدا» وإن كان رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ليس بأبديّ ، لأنّ المراد : لا تصلّ أنت ولا أمّتك أبدا ، أو يكون المراد أنّهم لا يستحقّون الصلاة أبدا لكفرهم. والأولى أنّه قيّده بالثانية قطعا لأطماعهم في ذلك ، أو قطعا لتجويز النسخ. وفي بعض الروايات أنّه صلّى عليه ، فقال له عمر : أتصلّي على عدوّ الله؟ فقال له : «وما يدريك ما قلت؟ فإنّي قلت : اللهمّ احش قبره نارا ، وسلّط عليه الحيّات والعقارب».
وإنّما لم ينه عن التكفين في قميصه ونهي عن الصلاة عليه ، لأنّ الضنّة بالقميص كان مخلّا بالكرم ، ولأنّه كان مكافأة لإلباسه العباس قميصه حين أسر ببدر.
روي أنّه قيل له : لم وجّهت إليه بقميصك وهو كافر؟ فقال : إنّ قميصي لن يغني عنه من الله شيئا ، وإنّي أؤمّل من الله تعالى أن يدخل في الإسلام كثير بهذا السبب. فيروى أنّه أسلم ألف من الخزرج.