رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ وَإِلاَّ تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُنْ مِنَ الْجاهِلِينَ (٣٣) فَاسْتَجابَ لَهُ رَبُّهُ فَصَرَفَ عَنْهُ كَيْدَهُنَّ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (٣٤) ثُمَّ بَدا لَهُمْ مِنْ بَعْدِ ما رَأَوُا الْآياتِ لَيَسْجُنُنَّهُ حَتَّى حِينٍ (٣٥))
ثمّ ذكر سبحانه شياع هذه القصّة ، فقال : (وَقالَ نِسْوَةٌ) هي اسم لجمع امرأة لا جمع ، من قبيل القوم والرهط للرجال. وتأنيثه بهذا الاعتبار غير حقيقيّ ، ولذلك جرّد فعله عن التاء. (فِي الْمَدِينَةِ) ظرف لـ «قال» ، أي : أشعن الحكاية في مصر. أو صفة لـ «نسوة» أي : نسوة كائنة في المدينة. وكنّ خمسا : زوجة الحاجب ، والساقي ، والخبّاز ، والسجّان ، وصاحب الدوابّ ، أي : رائضها (١).
(امْرَأَتُ الْعَزِيزِ تُراوِدُ فَتاها عَنْ نَفْسِهِ) تطلب مواقعة غلامها إيّاها. يقال : فتاي وفتاتي ، أي : غلامي وجاريتي. والعزيز بلسان العرب الملك. وأصل فتى فتي ، لقولهم : فتيان. والفتوّة شاذّة. (قَدْ شَغَفَها حُبًّا) شقّ شغاف قلبها ـ وهو حجابه ـ حتّى وصل إلى فؤادها حبّا. ونصبه على التمييز ، لصرف الفعل عن يوسف ، ويعلم أنّ الحبّ شغفها ، إذ التمييز في الأصل فاعل. (إِنَّا لَنَراها فِي ضَلالٍ مُبِينٍ) في ضلال عن الرشد ، وبعد عن الصواب.
(فَلَمَّا سَمِعَتْ بِمَكْرِهِنَ) باغتيابهنّ ، وهو قولهنّ : امرأة العزيز عشقت عبدها الكنعاني. وإنّما سمّاه مكرا لأنّهنّ أخفينه ، كما يخفي الماكر مكره. أو قلن ذلك لتريهنّ يوسف. أو لأنّها استكتمتهنّ سرّها ، فأفشينه عليها. (أَرْسَلَتْ إِلَيْهِنَ)
__________________
(١) الرائض : الذي يعلّم الدوابّ السير ويذلّلها ويطوّعها.