قلوب الرجال من كثير حيل الرجال ، ولأنهنّ يواجهن به الرجال ، والشيطان يوسوس به مسارقة ، ومنه قوله تعالى : (وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثاتِ فِي الْعُقَدِ) (١). وعن بعض العلماء : أنا أخاف من النساء أكثر من أن أخاف من الشيطان ، لأنّ الله تعالى يقول : (إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطانِ كانَ ضَعِيفاً) (٢) ، وقال للنساء : (إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ).
(يُوسُفُ) حذف منه حرف النداء ، لقربه وتفطّنه للحديث (أَعْرِضْ عَنْ هذا) اكتمه ولا تحدّث به (وَاسْتَغْفِرِي لِذَنْبِكِ) يا راعيل (إِنَّكِ كُنْتِ مِنَ الْخاطِئِينَ) من القوم المتعمّدين الذنب. يقال : خطئ إذا أذنب متعمّدا. والتذكير للتغليب.
قيل : إنّ قطفيرا لم يكن غيورا ، سلبه الله الغيرة لطفا منه بيوسف ، حتّى كفى شرّه ، ولذلك قال ليوسف : (أَعْرِضْ عَنْ هذا) واقتصر على هذا القدر.
(وَقالَ نِسْوَةٌ فِي الْمَدِينَةِ امْرَأَتُ الْعَزِيزِ تُراوِدُ فَتاها عَنْ نَفْسِهِ قَدْ شَغَفَها حُبًّا إِنَّا لَنَراها فِي ضَلالٍ مُبِينٍ (٣٠) فَلَمَّا سَمِعَتْ بِمَكْرِهِنَّ أَرْسَلَتْ إِلَيْهِنَّ وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَأً وَآتَتْ كُلَّ واحِدَةٍ مِنْهُنَّ سِكِّيناً وَقالَتِ اخْرُجْ عَلَيْهِنَّ فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ وَقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ وَقُلْنَ حاشَ لِلَّهِ ما هذا بَشَراً إِنْ هذا إِلاَّ مَلَكٌ كَرِيمٌ (٣١) قالَتْ فَذلِكُنَّ الَّذِي لُمْتُنَّنِي فِيهِ وَلَقَدْ راوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ فَاسْتَعْصَمَ وَلَئِنْ لَمْ يَفْعَلْ ما آمُرُهُ لَيُسْجَنَنَّ وَلَيَكُوناً مِنَ الصَّاغِرِينَ (٣٢) قالَ
__________________
(١) الفلق : ٤.
(٢) النساء : ٧٦.