يَهْدِي الْقَوْمَ الْفاسِقِينَ) المتمرّدين في كفرهم. وهو كالدليل على الحكم السابق ، فإنّ مغفرة الكافر بالإقلاع عن الكفر والإرشاد إلى الحقّ ، والمنهمك في كفره المطبوع عليه لا ينقلع ولا يهتدي. ويجوز أن يكون ذلك تنبيها على عذر الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم في استغفاره ، وهو عدم يأسه عن إيمانهم ما لم يعلم أنّهم مطبوعون على الضلالة ، والممنوع هو الاستغفار بعد العلم ، لقوله : (ما كانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كانُوا أُولِي قُرْبى مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحابُ الْجَحِيمِ) (١).
(فَرِحَ الْمُخَلَّفُونَ بِمَقْعَدِهِمْ خِلافَ رَسُولِ اللهِ وَكَرِهُوا أَنْ يُجاهِدُوا بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللهِ وَقالُوا لا تَنْفِرُوا فِي الْحَرِّ قُلْ نارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرًّا لَوْ كانُوا يَفْقَهُونَ (٨١) فَلْيَضْحَكُوا قَلِيلاً وَلْيَبْكُوا كَثِيراً جَزاءً بِما كانُوا يَكْسِبُونَ (٨٢) فَإِنْ رَجَعَكَ اللهُ إِلى طائِفَةٍ مِنْهُمْ فَاسْتَأْذَنُوكَ لِلْخُرُوجِ فَقُلْ لَنْ تَخْرُجُوا مَعِيَ أَبَداً وَلَنْ تُقاتِلُوا مَعِيَ عَدُوًّا إِنَّكُمْ رَضِيتُمْ بِالْقُعُودِ أَوَّلَ مَرَّةٍ فَاقْعُدُوا مَعَ الْخالِفِينَ (٨٣))
ثمّ أخبر سبحانه عن المنافقين المخلّفين عن تبوك وابتهاجهم بذلك ، فقال : (فَرِحَ الْمُخَلَّفُونَ) أي : الّذين خلّفهم النبيّ ولم يخرجهم معه إلى تبوك ، لأنّهم استأذنوه في التأخّر فأذن لهم ، ففرحوا (بِمَقْعَدِهِمْ خِلافَ رَسُولِ اللهِ) بقعودهم عن
__________________
(١) التوبة : ١١٣.