(وَاللهُ أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً) غيثا (فَأَحْيا بِهِ) بذلك الماء (الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها) أنبت فيها أنواع النبات بعد يبسها (إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ) سماع تدبّر وإنصاف ، لأنّ من لم يسمع بقلبه فكأنّه أصمّ لا يسمع أصلا.
(وَإِنَّ لَكُمْ فِي الْأَنْعامِ لَعِبْرَةً نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِهِ مِنْ بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ لَبَناً خالِصاً سائِغاً لِلشَّارِبِينَ (٦٦) وَمِنْ ثَمَراتِ النَّخِيلِ وَالْأَعْنابِ تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَراً وَرِزْقاً حَسَناً إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (٦٧))
ثمّ عطف سبحانه على ما تقدّم من دلائل التوحيد وعجائب الصنعة وبدائع الحكمة ، فقال : (وَإِنَّ لَكُمْ فِي الْأَنْعامِ) الإبل والبقر والغنم (لَعِبْرَةً) دلالة يعبر بها من الجهل إلى العلم (نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِهِ) استئناف لبيان العبرة. وإنّما ذكّر الضمير ووحّده ها هنا للفظ ، وأنّثه في سورة المؤمنين (١) للمعنى ، فإنّ الأنعام اسم جمع ، ولذلك عدّه سيبويه في المفردات المبنيّة على أفعال ، كأخلاق وأكباش (٢). ومن قال : إنّه جمع «نعم» جعل الضمير للبعض ، فإنّ اللبن لبعضها دون جميعها ، أو لواحدة ، أو له على المعنى ، فإنّ المراد به الجنس.
وقرأ نافع وابن عامر وأبو بكر ويعقوب : نسقيكم بالفتح ، هاهنا وفي المؤمنين.
__________________
(١) المؤمنون : ٢١.
(٢) في هامش النسخة الخطّية : «ضرب من النبات غزل مرّتين. وقيل : ضرب من برود اليمن. منه».