(وَلا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللهِ ما لا يَنْفَعُكَ) إن أطعته (وَلا يَضُرُّكَ) إن عصيته وتركته (فَإِنْ فَعَلْتَ) فإن دعوته (فَإِنَّكَ إِذاً مِنَ الظَّالِمِينَ) جزاء للشرط ، وجواب لسؤال مقدّر عن تبعة الدعاء ، كأنّ سائلا سأل عن تبعة عبادة غير الله. وجعل من الظالمين ، لأنّه لا ظلم أعظم من الشرك ، (إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ) (١). والخطاب وإن كان متوجّها إلى النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم في الظاهر لكنّ المراد به أمّته.
(وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللهُ بِضُرٍّ فَلا كاشِفَ لَهُ إِلاَّ هُوَ وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلا رَادَّ لِفَضْلِهِ يُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (١٠٧))
ثمّ عقّب النهي عن عبادة ما لا ينفع ولا يضرّ ، بأنّ الله هو الضارّ والنافع الّذي إن أصابك بضرّ لم يقدر على كشفه إلّا هو ، وإن أرادك بخير لم يردّه أحد ، فقال : (وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللهُ بِضُرٍّ) وإن يصبك بضرر ، كالمرض والفقر (فَلا كاشِفَ لَهُ) برفعه (إِلَّا هُوَ) إلّا الله (وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ) كالصحّة والغنى (فَلا رَادَّ) فلا دافع (لِفَضْلِهِ) الّذي أرادك به ، فهو الحقيق بأن يعبد دون الأوثان.
ولعلّه ذكر الإرادة مع الخير والمسّ مع الضرّ مع تلازم الأمرين ، للتنبيه على أنّ الخير مراد بالذات ، وأنّ الضرّ إنّما مسّهم لا بالقصد الأوّل. ووضع الفضل موضع الضمير للدلالة على أنّه متفضّل بما يريد بهم من الخير ، لا استحقاق لهم عليه.
(يُصِيبُ بِهِ) بالخير (مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ وَهُوَ الْغَفُورُ) لذنوب عباده (الرَّحِيمُ) بهم. فتعرّضوا لرحمته بالطاعة ، ولا تيأسوا من غفرانه بالمعصية. والمراد بالمشيئة مشيئة المصلحة.
__________________
(١) لقمان : ١٣.