والاستهزاء بها ، إلى غير ذلك ممّا أحدثوه بعد البعث.
وعن السدّي : النعمة محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم ، أنعم الله به على قريش ، فكفروا به وكذّبوه ، فنقله إلى الأنصار.
وهذا من جري عادة الله تعالى ، فإنّ عادته سبحانه جارية على تغيير نعمته متى غيّر العبد أعماله بأسوأ منه ، فإنّه كما تغيّر الحال المرضيّة إلى المسخوطة ، تغيّر الحال المسخوطة إلى أسخط منها. فكفرة قريش كانوا قبل بعثة الرسول إليهم كفرة عبدة أصنام ، فلمّا بعث إليهم النبيّ بالآيات البيّنات ، فكذّبوه وعادوه ، وتحزّبوا عليه ساعين في اراقة دمه ، غيّروا حالهم إلى أسوأ ممّا كانت ، فغيّر الله ما أنعم به عليهم من إمهالهم ، وعاجلهم بالعذاب.
وأصل «يك» يكون ، فحذفت الحركة للجزم ، ثمّ الواو لالتقاء الساكنين ، ثمّ النون لشبهه بالحروف اللينة تخفيفا ، مع أنّ كثرة الاستعمال أيضا مقتضية للتخفيف.
(وَأَنَّ اللهَ سَمِيعٌ) لما يقول مكذّبو الرسل (عَلِيمٌ) بما يفعلون.
وقوله : (كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَذَّبُوا بِآياتِ رَبِّهِمْ فَأَهْلَكْناهُمْ بِذُنُوبِهِمْ وَأَغْرَقْنا آلَ فِرْعَوْنَ) تكرير للتأكيد ، ولما نيط به من الدلالة على كفران النعم بقوله : (بِآياتِ رَبِّهِمْ) ، وبيان ما أخذ به آل فرعون.
وقيل : الأوّل لتشبيه الكفر والأخذ به ، والثاني لتشبيه التغيير في النعمة بسبب تغييرهم ما بأنفسهم.
(وَكُلٌ) من الفرق المكذّبة ، أو من غرقى القبط وقتلى قريش (كانُوا ظالِمِينَ) أنفسهم بالكفر والمعاصي ، فلم يعاقبوا إلّا عن استحقاق.
(إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللهِ الَّذِينَ كَفَرُوا فَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ (٥٥) الَّذِينَ عاهَدْتَ مِنْهُمْ ثُمَّ يَنْقُضُونَ عَهْدَهُمْ فِي كُلِّ مَرَّةٍ وَهُمْ لا يَتَّقُونَ (٥٦))