(وَأَدْبارَهُمْ) ظهورهم أو أستاههم. وقيل : المراد تعميم الضرب ، أي : يضربون ما أقبل منهم وما أدبر.
(وَذُوقُوا عَذابَ الْحَرِيقِ) عطف على «يضربون» بإضمار القول ، أي : ويقولون : ذوقوا ، بشارة لهم بعذاب الآخرة. وقيل : كانت مع الملائكة مقامع من حديد كلّما ضربوا التهبت النار منها في جراحاتهم. وجواب «لو» محذوف ، لتفظيع الأمر وتهويله ، تقديره : لرأيت أمرا فظيعا منكرا.
(ذلِكَ) الضرب والعذاب (بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ) بسبب ما كسبتم من الكفر والمعاصي. وهو خبر لـ «ذلك». (وَأَنَّ اللهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ) عطف عليه ، أي : ذلك العذاب بسببين : بسبب كفركم ومعاصيكم ، وبأن الله يعذّب الكفّار بالعدل ، لأنّه لا يظلم عباده في عقوبتهم ، وقد بالغ في نفي الظلم عن نفسه بقوله : «ظلّام» فإنّه صيغة المبالغة. أو تكثير الظلم لأجل كثرة العبيد. أو لأنّ العذاب من العظم بحيث لولا الاستحقاق لكان المعذّب بمثله ظلّاما بليغ الظلم متفاقمه.
وقوله : (كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ) مرفوع المحلّ بالخبر ، تقديره : دأب هؤلاء مثل دأب آل فرعون ، وهو عملهم وطريقهم الّذي دأبوا فيه ، أي : داموا عليه. (وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ) من قبل آل فرعون.
(كَفَرُوا بِآياتِ اللهِ) تفسير لدأبهم (فَأَخَذَهُمُ اللهُ بِذُنُوبِهِمْ) كما أخذ هؤلاء (إِنَّ اللهَ قَوِيٌّ شَدِيدُ الْعِقابِ) لا يغلبه في دفعه شيء.
(ذلِكَ) إشارة إلى ما حلّ بهم ، أي : ذلك العذاب (بِأَنَّ اللهَ) بسبب أنّ الله (لَمْ يَكُ مُغَيِّراً نِعْمَةً أَنْعَمَها عَلى قَوْمٍ) مبدّلا إيّاها بالنقمة (حَتَّى يُغَيِّرُوا ما بِأَنْفُسِهِمْ) أي : لا يصحّ ذلك في حكمته حتّى يبدّلوا ما بهم من الحال إلى حال أسوأ ، كتغيير قريش حالهم في صلة الرحم والكفّ عن تعرّض الآيات والرسل بمعاداة الرسول ومن تبعه منهم ، والسعي في إراقة دمائهم ، والتكذيب بالآيات