(هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ حَتَّى إِذا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ وَفَرِحُوا بِها جاءَتْها رِيحٌ عاصِفٌ وَجاءَهُمُ الْمَوْجُ مِنْ كُلِّ مَكانٍ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ أُحِيطَ بِهِمْ دَعَوُا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ لَئِنْ أَنْجَيْتَنا مِنْ هذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ (٢٢) فَلَمَّا أَنْجاهُمْ إِذا هُمْ يَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّما بَغْيُكُمْ عَلى أَنْفُسِكُمْ مَتاعَ الْحَياةِ الدُّنْيا ثُمَّ إِلَيْنا مَرْجِعُكُمْ فَنُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (٢٣))
ثمّ امتنّ الله سبحانه على خلقه ، بأن عدّد نعمه الّتي يعطيهم في كلّ حال ، فقال : (هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ) يحملكم على السير ، ويمكّنكم منه بما هيّأ لكم من أسباب السير. وقرأ ابن عامر : ينشركم ، بالنون والشين من النشر. (فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ حَتَّى إِذا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ) في السفن (وَجَرَيْنَ بِهِمْ) بمن فيها. عدل عن الخطاب إلى الغيبة للمبالغة ، كأنّه تذكرة لغيرهم ليتعجّب من حالهم وينكر عليهم. (بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ) ليّنة الهبوب يستطيبونها (وَفَرِحُوا بِها) سرّوا بتلك الريح ، لأنّها تبلغهم مقصودهم (جاءَتْها) جواب «إذا». والضمير للفلك أو الريح الطيّبة. بمعنى : تلقّتها. (رِيحٌ عاصِفٌ) ذات عصف ، شديدة الهبوب ، هائلة.
(وَجاءَهُمُ الْمَوْجُ مِنْ كُلِّ مَكانٍ) من أمكنة الموج. يعني : الموج من الجوانب الأربع. (وَظَنُّوا أَنَّهُمْ أُحِيطَ بِهِمْ) وأيقنوا أنّهم دنوا من الهلاك. وهو مثل في الهلاك ، أي : أنّهم أهلكوا ، وسدّت عليهم مسالك الخلاص ، كمن أحاطت به أعداؤه.