(٩١) قالَ يا قَوْمِ أَرَهْطِي أَعَزُّ عَلَيْكُمْ مِنَ اللهِ وَاتَّخَذْتُمُوهُ وَراءَكُمْ ظِهْرِيًّا إِنَّ رَبِّي بِما تَعْمَلُونَ مُحِيطٌ (٩٢) وَيا قَوْمِ اعْمَلُوا عَلى مَكانَتِكُمْ إِنِّي عامِلٌ سَوْفَ تَعْلَمُونَ مَنْ يَأْتِيهِ عَذابٌ يُخْزِيهِ وَمَنْ هُوَ كاذِبٌ وَارْتَقِبُوا إِنِّي مَعَكُمْ رَقِيبٌ (٩٣) وَلَمَّا جاءَ أَمْرُنا نَجَّيْنا شُعَيْباً وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا وَأَخَذَتِ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دِيارِهِمْ جاثِمِينَ (٩٤) كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيها أَلا بُعْداً لِمَدْيَنَ كَما بَعِدَتْ ثَمُودُ (٩٥))
(وَيا قَوْمِ لا يَجْرِمَنَّكُمْ شِقاقِي) لا يكسبنّكم خلافي ومعاداتي (أَنْ يُصِيبَكُمْ مِثْلُ ما أَصابَ قَوْمَ نُوحٍ) من الغرق (أَوْ قَوْمَ هُودٍ) من الريح (أَوْ قَوْمَ صالِحٍ) من الرجفة. و «أن» بصلتها ثاني مفعولي «جرم» فإنّه يعدّى إلى واحد وإلى اثنين ، ككسب. وعن ابن كثير : لا يجر منّكم بضمّ الياء. وهو منقول من المتعدّي إلى مفعول واحد ، كما نقل أكسبه المال وكسب المال. والأوّل أفصح ، كما أنّ «كسبته مالا» أفصح من : أكسبته ، فإن «أجرم وأكسب» أقلّ دورانا على ألسنة الفصحاء.
(وَما قَوْمُ لُوطٍ مِنْكُمْ بِبَعِيدٍ) زمانا أو مكانا ، فإن لم تعتبروا بمن قبلهم فاعتبروا بهم. وعن قتادة : أن دارهم قريبة من داركم. أو ليسوا ببعيد منكم في الكفر والمساوئ ، فلا يبعد عنكم ما أصابهم. وإفراد البعيد لأنّ المراد : وما إهلاكهم أو وما هم بشيء بعيد. ولا يبعد أن يسوّى في أمثاله ـ كقريب وكثير وقليل ـ بين المذكّر والمؤنّث ، لأنّها على زنة المصادر ، كالصهيل وهو صوت الفرس ، والنهيق صوت الحمار.