(وَاسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ) داوموا على الاستغفار والتوبة عمّا أنتم عليه (إِنَّ رَبِّي رَحِيمٌ) عظيم الرحمة للتائبين (وَدُودٌ) فاعل بهم ما يفعل البليغ المودّة لمن يودّه من اللطف والإحسان. وهو وعد على التوبة بعد الوعيد على الإصرار.
(قالُوا) قال قوم شعيب له حين سمعوا منه الوعظ والتخويف (يا شُعَيْبُ ما نَفْقَهُ) ما نفهم (كَثِيراً مِمَّا تَقُولُ) كوجوب التوحيد وحرمة البخس ، وما ذكرت دليلا عليهما ، وذلك لقصور عقولهم وعدم تفكّرهم. وقيل : قالوا ذلك استهانة بكلامه ، أو لأنّهم لم يلقوا إليه أذهانهم ، لشدّة نفرتهم عنه.
(وَإِنَّا لَنَراكَ فِينا ضَعِيفاً) لا قوّة لك فتمتنع منّا إن أردنا بك سوء ، أو مهينا لا عزّ لك فيما بيننا. وقيل : أعمى بلغة حمير ، كما يسمّى ضريرا ، أي : ضرّ بذهاب بصره. وهو مع عدم مناسبته يردّه التقييد بالظرف وهو «فينا» ، فإن من كان أعمى يكون كذلك كيف كان غير مختصّ ببعض مكان.
(وَلَوْ لا رَهْطُكَ) قومك وعزّتهم عندنا ، لكونهم على ملّتنا لا لخوف من شوكتهم ، فإنّ الرهط من الثلاثة إلى العشرة ، وقيل : إلى التسعة (لَرَجَمْناكَ) لقتلناك برمي الأحجار ، أو بأصعب وجه. (وَما أَنْتَ عَلَيْنا بِعَزِيزٍ) أي : لا تعزّ علينا ولا تكرم ، فتمنعنا عزّتك عن الرجم. وهذا من عادة السفيه المحجوج اللجوج يقابل الحجج والآيات بالسبّ والتهديد.
وقد دلّ إيلاء ضميره حرف النفي على أنّ الكلام واقع في الفاعل لا في الفعل ، كأنّه قيل : وما أنت علينا بعزيز ، بل رهطك هم الأعزّة علينا ، ولذلك (قالَ) في جوابهم (يا قَوْمِ أَرَهْطِي أَعَزُّ) أعظم حرمة (عَلَيْكُمْ مِنَ اللهِ)؟ ولو قيل : وما عززت علينا ، لم يصحّ هذا الجواب.
(وَاتَّخَذْتُمُوهُ وَراءَكُمْ ظِهْرِيًّا) وجعلتموه كالمنسيّ المنبوذ وراء الظهر ، لا يعبأ به بإشراككم به وإهانتكم رسوله. وهو يحتمل الإنكار والتوبيخ ، والردّ