(وَضَرَبَ اللهُ مَثَلاً رَجُلَيْنِ أَحَدُهُما أَبْكَمُ لا يَقْدِرُ عَلى شَيْءٍ وَهُوَ كَلٌّ عَلى مَوْلاهُ أَيْنَما يُوَجِّهْهُ لا يَأْتِ بِخَيْرٍ هَلْ يَسْتَوِي هُوَ وَمَنْ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَهُوَ عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ (٧٦))
ثمّ ضرب سبحانه مثلا آخر ، فقال : (وَضَرَبَ اللهُ مَثَلاً رَجُلَيْنِ أَحَدُهُما أَبْكَمُ) ولد أخرس لا يفهم ولا يفهم (لا يَقْدِرُ عَلى شَيْءٍ) من الصنائع والتدابير ، لنقصان عقله (وَهُوَ كَلٌّ عَلى مَوْلاهُ) ثقل وعيال على من يلي أمره ويعوله (أَيْنَما يُوَجِّهْهُ) حيثما يرسله مولاه في طلب حاجة ومهمّ (لا يَأْتِ بِخَيْرٍ) بنجح وكفاية مهمّ.
(هَلْ يَسْتَوِي هُوَ) هذا الأبكم الموصوف بهذه الصفة (وَمَنْ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ) ومن هو فهم منطيق ذو كفاية ورشد ، ينفع الناس بحثّهم على العدل الشامل لمجامع الفضائل (وَهُوَ) في نفسه (عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) على سيرة صالحة ودين قويم ، لا يتوجّه إلى مطلب إلّا ويبلغه بأقرب سعي. وإنّما قابل تلك الصفات بهذين الوصفين ، لأنّهما كمال ما يقابلهما.
وهذا تمثيل ثان ضربه الله لذاته المفيض رحمته وألطافه ونعمه الدينيّة والدنيويّة ، وللأصنام الّتي هي أموات لا تضرّ ولا تنفع ، لإبطال المشاركة بينه وبينها ، أو للمؤمن والكافر.
(وَلِلَّهِ غَيْبُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما أَمْرُ السَّاعَةِ إِلاَّ كَلَمْحِ الْبَصَرِ أَوْ هُوَ أَقْرَبُ إِنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (٧٧) وَاللهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ