ثمّ أشار إلى توعيد الكفّار ، فقال : (هَلْ يَنْظُرُونَ) ما ينتظر الكفّار المارّ ذكرهم (إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلائِكَةُ) لقبض أرواحهم. وقرأ حمزة والكسائي بالياء. (أَوْ يَأْتِيَ أَمْرُ رَبِّكَ) القيامة أو العذاب المستأصل (كَذلِكَ) مثل ذلك الفعل من الشرك والتكذيب (فَعَلَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ) فأصابهم ما أصابوا (وَما ظَلَمَهُمُ اللهُ) بتدميرهم (وَلكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ) بكفرهم ومعاصيهم المؤدّية إليه.
(فَأَصابَهُمْ سَيِّئاتُ ما عَمِلُوا) أي : جزاء سيّئات أعمالهم ، على حذف المضاف ، أو تسمية الجزاء باسمها ، كما قال : (وَجَزاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُها) (١) (وَحاقَ بِهِمْ ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ) وأحاط بهم جزاؤه. والحيق لا يستعمل إلّا في الشرّ.
(وَقالَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شاءَ اللهُ ما عَبَدْنا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ نَحْنُ وَلا آباؤُنا وَلا حَرَّمْنا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ كَذلِكَ فَعَلَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَهَلْ عَلَى الرُّسُلِ إِلاَّ الْبَلاغُ الْمُبِينُ (٣٥))
ثمّ عاد إلى حكاية قول المشركين ، فقال : (وَقالَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا) مع الله إلها آخر (لَوْ شاءَ اللهُ ما عَبَدْنا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ) من الأصنام وغيرها (نَحْنُ وَلا آباؤُنا) الّذين اقتدينا بهم (وَلا حَرَّمْنا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ) بل شاء منّا ، وأراد فعلنا.
وهذا القول من جملة ما عدّد من أصناف كفرهم وعنادهم ، من شركهم بالله وإنكار وحدانيّته بعد قيام الحجج ، وإنكار البعث ، واستهزائهم به ، وتكذيبهم الرسول ،
__________________
(١) الشورى : ٤٠.