عوف في قوله تعالى : (وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ) قال : «هم عشرة من قريش ، أوّلهم إسلاما عليّ بن أبي طالب عليهالسلام» (١).
(وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ مِنَ الْأَعْرابِ مُنافِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُوا عَلَى النِّفاقِ لا تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ سَنُعَذِّبُهُمْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلى عَذابٍ عَظِيمٍ (١٠١))
ثمّ عاد الكلام إلى ذكر المنافقين ، فقال : (وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ) من جملة من حول بلدتكم ، يعني : المدينة (مِنَ الْأَعْرابِ) الّذين يسكنون البدو (مُنافِقُونَ) وهم جهينة ومزينة وأسلم وأشجع وغفار ، كانوا نازلين حولها (وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ) عطف على خبر المبتدأ الّذي هو «ممّن حولكم». ويجوز أن يكون جملة معطوفة على المبتدأ والخبر إذا قدّرت : ومن أهل المدينة قوم. (مَرَدُوا عَلَى النِّفاقِ) أي تمرّنوا على النفاق ، من قولهم : مرن فلان على عمله ومرد عليه ، إذا درب به حتّى لان عليه ومهر فيه. فعلى الوجه الأخير «مردوا» صفة موصوف محذوف. ونظيره في حذف الموصوف وإقامة الصفة مقامه ، قوله : أنا ابن جلا وطلّاع الثنايا ، أي : أنا ابن رجل جلا ووضح أمره. وعلى الأوّل صفة للمنافقين فصّل بينها وبينه بالمعطوف على الخبر ، أو كلام مبتدأ لبيان تمرّنهم وتمهّرهم في النفاق.
ودلّ على مهارتهم في النفاق قوله : (لا تَعْلَمُهُمْ) لا تعرفهم بأعيانهم ، أي : مهارتهم فيه وتنوّقهم في تحامي مواقع التهم إلى حدّ أخفى عليك حالهم ، مع كمال فطنتك وصدق فراستك.
__________________
(١) مجمع البيان ٥ : ٦٤ ـ ٦٥.