بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
(الر كِتابٌ أُحْكِمَتْ آياتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ (١) أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ اللهَ إِنَّنِي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ (٢) وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُمْ مَتاعاً حَسَناً إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ عَذابَ يَوْمٍ كَبِيرٍ (٣) إِلَى اللهِ مَرْجِعُكُمْ وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (٤))
ولمّا ختم الله سبحانه سورة يونس بذكر الوحي في قوله : (وَاتَّبِعْ ما يُوحى إِلَيْكَ) افتتح هذه السّورة ببيان ذلك الوحي ، فقال : (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ الر كِتابٌ) مبتدأ وخبر ، أو «كتاب» خبر محذوف (أُحْكِمَتْ آياتُهُ) نظمت ظما محكما لا يعرضه نقض ، ولا يعتريه خلل من جهة اللفظ والمعنى ، كالبناء المحكم. أو منعت من الفساد والنسخ. من : أحكم الدابّة وضع عليها الحكمة (١) لتمنعها من الجماح ، أو جعلت حكيمة ، منقول من : حكم بالضمّ إذا صار حكيما ، لأنّها مشتملة على أمّهات الحكم النظريّة والعمليّة.
(ثُمَّ فُصِّلَتْ) بالفوائد ، من دلائل التوحيد والأحكام والمواعظ والقصص. أو بجعلها سورة سورة وآية آية. أو بالإنزال نجما نجما. أو فصّل فيها ولخّص ما يحتاج إليه العباد. و «ثمّ» للتفاوت في الحال ، كما تقول : هي
__________________
(١) الحكمة : ما أحاط بحنكي الفرس من لجامه يمنعه من مخالفة راكبه.