في رجل من المنافقين يقال له : نبتل بن الحارث ، وكان رجلا أدلم (١) أحمر العينين أسفع (٢) الخدّين مشوّه الخلقة ، وكان ينمّ حديث النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم إلى المنافقين. فقيل له : لا تفعل. فقال : إنّما محمد أذن ، من حدّثه شيئا صدّقه ، نقول ما شئنا ثمّ نأتيه ونحلف له فيصدّقنا. وهو الّذي قال فيه النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم : من أراد أن ينظر إلى الشيطان فلينظر إلى نبتل بن الحارث.
(يَحْلِفُونَ بِاللهِ لَكُمْ لِيُرْضُوكُمْ وَاللهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ إِنْ كانُوا مُؤْمِنِينَ (٦٢))
وقيل : إنّ جلاس بن سويد وغيره من المنافقين قالوا : لئن كان ما يقول محمّد حقّا فنحن شرّ من الحمير. وكان عندهم غلام من الأنصار يقال له : عامر بن قيس ، فقال : والله ما يقول محمد حقّ ، وأنتم شرّ من الحمير. ثمّ أتى النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم وأخبره ، فدعاهم فسألهم ، فحلفوا أنّ عامرا كذب. فنزلت : (يَحْلِفُونَ بِاللهِ لَكُمْ) على معاذيرهم فيما قالوا (لِيُرْضُوكُمْ) لترضوا عنهم ، والخطاب للمؤمنين (وَاللهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ) أحقّ بالإرضاء بالطاعة والوفاق. وتوحيد الضمير لتلازم الرضاءين. أو لأنّ الكلام في إيذاء الرسول وإرضائه. أو لأنّ التقدير : والله أحقّ أن يرضوه ، والرسول كذلك. (إِنْ كانُوا مُؤْمِنِينَ) باطنا وظاهرا ، مذعنين بنبوّة محمد مقرّين به.
وقيل : إنّها نزلت في رهط من المنافقين تخلّفوا عن غزوة تبوك ، فلمّا رجع رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم من تبوك أتوا المؤمنين يعتذرون إليهم من تخلّفهم ويحلفون.
__________________
(١) الأدلم : الذي اشتدّ سواده في ملوسة.
(٢) الأسفع : أسود اللون إلى حمرة.