(ما كانَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ وَمَنْ حَوْلَهُمْ مِنَ الْأَعْرابِ أَنْ يَتَخَلَّفُوا عَنْ رَسُولِ اللهِ وَلا يَرْغَبُوا بِأَنْفُسِهِمْ عَنْ نَفْسِهِ ذلِكَ بِأَنَّهُمْ لا يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ وَلا نَصَبٌ وَلا مَخْمَصَةٌ فِي سَبِيلِ اللهِ وَلا يَطَؤُنَ مَوْطِئاً يَغِيظُ الْكُفَّارَ وَلا يَنالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَيْلاً إِلاَّ كُتِبَ لَهُمْ بِهِ عَمَلٌ صالِحٌ إِنَّ اللهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ (١٢٠) وَلا يُنْفِقُونَ نَفَقَةً صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً وَلا يَقْطَعُونَ وادِياً إِلاَّ كُتِبَ لَهُمْ لِيَجْزِيَهُمُ اللهُ أَحْسَنَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ (١٢١))
ولمّا قصّ الله سبحانه قصّة الّذين تأخّروا عن الخروج مع النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم إلى تبوك ، ثمّ اعتذارهم عن ذلك وتوبتهم منه ، وأنّه قبل توبة من ندم على ما كان منه ، لرأفته بهم ورحمته عليهم ، ذكر عقيب ذلك على وجه التوبيخ لهم والإزراء على ما كانوا فعلوه ، فقال : (ما كانَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ وَمَنْ حَوْلَهُمْ مِنَ الْأَعْرابِ أَنْ يَتَخَلَّفُوا عَنْ رَسُولِ اللهِ) عن حكمه. نهي عبّر عنه بصيغة النفي للمبالغة. (وَلا يَرْغَبُوا بِأَنْفُسِهِمْ عَنْ نَفْسِهِ) لا يصونوا أنفسهم عمّا لم يصن رسول الله نفسه عنه ، ويكابدوا ما يكابده من الأهوال.
روي أنّه كان أبو خيثمة عبد الله بن خيثمة تخلّف إلى أن مضى من مسير رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم عشرة أيّام ، ثمّ دخل يوما على امرأتين له في يوم حارّ في عريشين لهما ، قد رشّتاهما وبرّدتا الماء ، وهيّأتا له الطعام. فقام على العريشين ، وقد بلغ بستانه ، فيأكل منه الرطب ويشرب الماء البارد ، فنظر فقال : ظلّ ظليل ، ورطب يانع ، وماء بارد ، ورسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ مع أنّه قد غفر الله له ما