حيث الحكمة. وهو المميّز بين الحقّ والباطل ، والمحقّ والمبطل ، بالثواب والعقاب.
ثمّ قال بيانا لإمكانه : (إِنَّما قَوْلُنا لِشَيْءٍ إِذا أَرَدْناهُ) أي : إذا أردنا وجوده ، فليس إلّا (أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) أي : أحدث فيحدث ذلك بلا توقّف. وهذا مثل في أنّ مراد الله لا يمتنع عليه ، وأنّ وجوده عند إرادته مثل وجود المأمور به عند أمر الآمر المطاع إذا ورد على المأمور المطيع المتمثّل ، ولا قول هناك. والمعنى : أنّ إيجاد كلّ مقدور على الله تعالى بهذه السهولة ، فكيف يمتنع عليه البعث الّذي هو من شقّ المقدورات؟! وتقرير البيان أنّ تكوين الله بمحض قدرته ومشيئته لا توقّف له على سبق الموادّ والمدد وإلّا لزم التسلسل ، فكما أمكن له تكوين الأشياء ابتداء بلا سبق مادّة ومثال ، أمكن له تكوينها إعادة بعده.
ونصب ابن عامر والكسائي «فيكون» هاهنا وفي يس (١) ، عطفا على «نقول» ، أو جوابا للأمر.
(وَالَّذِينَ هاجَرُوا فِي اللهِ مِنْ بَعْدِ ما ظُلِمُوا لَنُبَوِّئَنَّهُمْ فِي الدُّنْيا حَسَنَةً وَلَأَجْرُ الْآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ (٤١) الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (٤٢))
(وَالَّذِينَ هاجَرُوا) والّذين فارقوا أوطانهم وديارهم وأهلهم فرارا بدينهم واتّباعا لنبيّهم (فِي اللهِ) في حقّه ولوجهه خالصا (مِنْ بَعْدِ ما ظُلِمُوا) ما ظلمهم
__________________
(١) يس : ٨٢.