بعضهم القتال : (أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تُتْرَكُوا) أم منقطعة. ومعنى الهمزة فيها التوبيخ على الحسبان. والمعنى : لا تظنّوا أنّكم تتركون على ما أنتم عليه (وَلَمَّا يَعْلَمِ اللهُ الَّذِينَ جاهَدُوا مِنْكُمْ) والحال أنّه لم يبيّن الله ولم يميّز الخلّص منكم ، وهم المجاهدون في سبيل الله لوجه الله. نفى العلم وأراد نفي المعلوم للمبالغة ، فإنّه كالبرهان عليه ، من حيث إنّ تعلّق العلم به مستلزم لوقوعه ، كما يقال : ما علم الله ما قيل في فلان ، أي : ما وجد ذلك. و «لمّا» معناها التوقّع ، فدلّت على أنّ تميّز ذلك وإيضاحه متوقّع كائن.
(وَلَمْ يَتَّخِذُوا) عطف على «جاهدوا» داخل في الصلة (مِنْ دُونِ اللهِ وَلا رَسُولِهِ وَلَا الْمُؤْمِنِينَ وَلِيجَةً) هو الّذي يعرّفه الرجل أسراره ثقة به. شبّه ببطانة الثوب ، كما شبّه بالشعار. فعيلة من : ولج ، كالدخيلة من : دخل. يعني : بطانة وأولياء يوالونهم ويفشون إليهم أسرارهم. (وَاللهُ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ) يعلم أعمالكم فيجازيكم عليها. وهو كالمزيح لما يتوهّم من ظاهر قوله : (وَلَمَّا يَعْلَمِ اللهُ).
(ما كانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَنْ يَعْمُرُوا مَساجِدَ اللهِ شاهِدِينَ عَلى أَنْفُسِهِمْ بِالْكُفْرِ أُولئِكَ حَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ وَفِي النَّارِ هُمْ خالِدُونَ (١٧) إِنَّما يَعْمُرُ مَساجِدَ اللهِ مَنْ آمَنَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَأَقامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلاَّ اللهَ فَعَسى أُولئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ (١٨))
ولمّا أمر الله تعالى بقتال المشركين ، وقطع العصمة والموالاة عنهم ، أمر بمنعهم عن المساجد ، فقال : (ما كانَ لِلْمُشْرِكِينَ) ما صحّ لهم وما استقام (أَنْ