لطوعهم ولكراهتهم. ويحتمل أن يكون السجود على حقيقته ، فإنّه يسجد له الملائكة والمؤمنون من الثقلين طوعا حالتي الشدّة والرخاء ، والكفرة كرها حال الشدّة والضرورة ، فإنّهم لا يمكنهم أن يمتنعوا من الخضوع لله تعالى ، لما يحلّ بهم من الآلام والأسقام.
(وَظِلالُهُمْ) ويسجد له ظلال من فيهما بالعرض. وأن يراد بالسجود انقيادهم لإحداث ما أراده منهم من أفعاله ، شاؤا أو كرهوا ، وانقياد ظلالهم لتصريفه إيّاها بالمدّ والتقليص على وفق مشيئته.
وقوله : (بِالْغُدُوِّ وَالْآصالِ) ظرف لـ «يسجد». والمراد بهما الدوام. أو حال من الظلال. وتخصيص الوقتين لأنّ الامتداد والتقلّص أظهر فيهما. والغدوّ جمع غداة ، كقنيّ جمع قناة. والآصال جمع اصيل. وهو ما بين العصر والمغرب. وقيل : الغدوّ مصدر.
(قُلْ مَنْ رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ قُلِ اللهُ قُلْ أَفَاتَّخَذْتُمْ مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءَ لا يَمْلِكُونَ لِأَنْفُسِهِمْ نَفْعاً وَلا ضَرًّا قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الْأَعْمى وَالْبَصِيرُ أَمْ هَلْ تَسْتَوِي الظُّلُماتُ وَالنُّورُ أَمْ جَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكاءَ خَلَقُوا كَخَلْقِهِ فَتَشابَهَ الْخَلْقُ عَلَيْهِمْ قُلِ اللهُ خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ الْواحِدُ الْقَهَّارُ (١٦))
لمّا بيّن سبحانه في الآية الأولى أنّه المستحقّ للعبادة ، وأنّ له من في السماوات والأرض ، عقّبه بما يجري مجرى الحجّة على ذلك ، فقال : (قُلْ) يا محمّد لهؤلاء الكفّار (مَنْ رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) خالقهما ومدبّرهما ومتولّي