أمرهما ، فإذا استعجم (١) عليهم الجواب ، ولم يمكنهم أن يقولوا : الأصنام (قُلِ اللهُ) أجب عنهم بأنّ ربّهما الله ، إذ لا جواب لهم سواه ، ولأنّه البيّن الّذي لا مراء فيه. أو لقّنهم الجواب به.
(قُلْ أَفَاتَّخَذْتُمْ مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءَ) أي : ألزمهم بأن اتّخاذهم منكر بعيد عن مقتضى العقل ، فإنّهم (لا يَمْلِكُونَ لِأَنْفُسِهِمْ) لا يقدرون أن يجلبوا إليها (نَفْعاً وَلا ضَرًّا) ولا يدفعوا عنها ضرّا ، فكيف يستطيعون إنفاع الغير ودفع الضرّ عنه ، وقد آثرتموهم على الخالق الرازق المثيب المعاقب؟ فما أبين ضلالتكم! وهو دليل ثان على ضلالهم وفساد رأيهم في اتّخاذهم أولياء رجاء أن يشفعوا لهم.
ثمّ ضرب سبحانه لهم مثلا بعد إلزام الحجّة ، فقال : (قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الْأَعْمى) أي : المشرك الجاهل بحقيقة العبادة والموجب لها. وقيل : المعبود الغافل عنكم.
(وَالْبَصِيرُ) والموحّد العالم بذلك ، أو المعبود المطّلع على أحوالكم.
ثمّ زاد في الإيضاح بقوله : (أَمْ هَلْ تَسْتَوِي الظُّلُماتُ وَالنُّورُ) الشرك والتوحيد. وقرأ حمزة والكسائي وأبو بكر بالياء.
(أَمْ جَعَلُوا) الهمزة للإنكار ، أي : بل أجعلوا (لِلَّهِ شُرَكاءَ)؟ وقوله : (خَلَقُوا كَخَلْقِهِ) صفة لـ «شركاء» داخلة في حكم الإنكار (فَتَشابَهَ الْخَلْقُ عَلَيْهِمْ) خلق الله وخلقهم.
والمعنى : أنّهم ما اتّخذوا لله شركاء خالقين مثله حتّى يتشابه عليهم الخلق ، فيقولوا : هؤلاء خلقوا كما خلق الله ، حتّى يقولوا : قدر هؤلاء على الخلق كما قدر الله عليه ، فاستحقّوا العبادة كما استحقّها. ولكنّهم اتّخذوا شركاء عاجزين لا يقدرون على ما يقدر عليه الخلق ، فضلا عمّا يقدر عليه الخالق.
(قُلِ اللهُ خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ) لا خالق غيره فيشاركه في العبادة. جعل الخلق
__________________
(١) أي : صعب واستبهم ، أو عجزوا عن الجواب.