أهل صنعاء. وإنّما قالوا ذلك لأنّهم كانوا أهل تهمة عند يعقوب. (وَإِنَّا لَصادِقُونَ) تأكيد في محلّ القسم.
(قالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْراً فَصَبْرٌ جَمِيلٌ عَسَى اللهُ أَنْ يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ (٨٣) وَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقالَ يا أَسَفى عَلى يُوسُفَ وَابْيَضَّتْ عَيْناهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ (٨٤))
فلمّا رجعوا إلى أبيهم وقالوا له ما قال أخوهم (قالَ) ما عندي أنّ الأمر على ما تقولونه (بَلْ سَوَّلَتْ) أي : زيّنت وسهّلت (لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْراً) أردتموه فقدّرتموه ، وإلّا فما أدرى الملك أنّ السارق يؤخذ بسرقته لولا تعليمكم (فَصَبْرٌ جَمِيلٌ) أي : فأمري صبر جميل ، أو فصبر جميل أجمل (عَسَى اللهُ أَنْ يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعاً) بيوسف وبنيامين وأخيهما الّذي توقّف بمصر (إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ) بحالي في الحزن والأسف ، وبحالهم (الْحَكِيمُ) في تدبيره ، لم يبتلني إلّا بحكمة ومصلحة.
(وَتَوَلَّى عَنْهُمْ) وأعرض عنهم كراهة لما صادف منهم (وَقالَ يا أَسَفى عَلى يُوسُفَ) أي : يا أسفا ، تعال فهذا أوانك. والأسف أشدّ الحزن والحسرة. والألف بدل من ياء المتكلّم. وإنّما تأسّف على يوسف دون أخويه والأمر الحادث هو مصيبتهما ، لأنّ مصيبة يوسف وإن كانت قديمة ، لكن كانت قاعدة المصيبات الّتي ترتّبت عليها الرزايا في ولده. أو لأنّ الرزء فيه مع تقادم عهده كان غضّا طريّا عنده ، آخذا بمجامع قلبه. ولأنّه كان واثقا بحياتهما دون حياته.
عن ابن عبّاس أنّه قال : لم تعط أمّة من الأمم (إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ) عند