إلينا. فرفعت إليه العرفاء أنّهم قد رضوا.
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرامَ بَعْدَ عامِهِمْ هذا وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ إِنْ شاءَ إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (٢٨))
ولمّا تقدّم النهي عن ولاية المشركين ، أزال سبحانه ولايتهم عن المسجد الحرام ، وحظر عليهم دخوله ، فقال : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ) مصدر ، يقال نجس نجسا ، وقذر قذرا. ومعناه : ذووا نجس. فجعلوا نجاسة بعينها مبالغة في وصفهم ـ لفرط خبث باطنهم وظاهرهم ـ بها ، كقولهم : زيد فسق ، فإنّ معهم الشرك الّذي هو رأس النجاسات الّتي يجب الاجتناب عنها ، فالاجتناب عنه بطريق أولى ، ولأنّهم لا يجتنبون الأحداث والأخباث.
وعن ابن عبّاس : أعيانهم نجسة كالكلاب والخنازير. وعن الحسن : من صافح مشركا توضّأ. وعن الصادقين عليهماالسلام : من صافح الكافر ويده رطبة غسل يده.
وبه قال فقهاؤنا ، فإنّ الكفّار بأنواعهم كافر نجس العين ، وظاهر الآية يدلّ على ذلك ، وبه أيضا روايات متظافرة مرويّة عن أئمّتنا عليهمالسلام.
(فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرامَ) لنجاستهم. وإنّما نهى عن الاقتراب للمبالغة ، أو للمنع عن دخول الحرم ، فلا يحجّوا ولا يعتمروا ، كما كانوا يفعلون في الجاهليّة (بَعْدَ عامِهِمْ هذا) وهو سنة براءة الّتي نادى فيها عليّ عليهالسلام بالبراءة ، وقال : لا يحجّنّ بعد هذا العام مشرك ، وهو عام تسع من الهجرة. وقيل : سنة حجّة الوداع. وعندنا أنّهم كما منعوا من المسجد الحرام منعوا من جميع المساجد ، لاشتراك العلّة ، وهي النجاسة.