وقال قتادة : سمّاهم نجسا لأنّهم يجنبون ولا يغتسلون ، ويحدثون ولا يتوضّئون ، ولم يجتنبوا عن أنواع النجاسات ، فمنعوا من دخول المسجد ، كما أنّ الجنب وصاحب النجاسات لا يجوز لهم دخول المسجد.
وروي عن عمر بن عبد العزيز أنّه كتب : امنعوا اليهود والنصارى من دخول مساجد المسلمين ، وأتبع نهيه قول الله تعالى : (إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ) الآية ، للعلّة المشتركة.
(وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً) فقرا بسبب منع المشركين من الحرم ، وانقطاع ما كان لكم في قدومهم عليكم من الارفاق والمكاسب (فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ) من عطائه ، أو تفضّله على وجه آخر. وقد أنجز الله وعده ، بأن أرسل السماء عليهم مدرارا أكثر به خيرهم ، ووفّق أهل جدّة وصنعاء وتبالة (١) وجرش فأسلموا وامتاروا (٢) لهم. ثمّ فتح عليهم البلاد والغنائم ، وتوجّه إليهم الناس من أقطار الأرض ، فحملوا الطعام إلى مكّة ، وكان ذلك أعود عليهم (إِنْ شاءَ) إن أوجبت الحكمة إغناءكم ، وكان مصلحة لكم في دينكم.
وفي الأنوار : «قيّده بالمشيئة لتنقطع الآمال إلى الله ، ولينبّه على أنّه متفضّل في ذلك ، وأنّ الغنى الموعود يكون لبعض دون بعض ، وفي عام دون عام» (٣).
(إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ) بأحوالكم (حَكِيمٌ) فيما يعطي ويمنع على وفق الحكمة والمصلحة.
__________________
(١) في هامش النسخة الخطّية : «التبالة ـ بفتح التاء ، وتخفيف الباء الموحّدة ـ بلدة صغيرة في اليمن. والجرش ـ بضمّ الجيم ، وفتح الراء ـ مخلاف من مخاليف اليمن. منه». والمخلاف : الكورة من البلاد ـ وهي : البقعة التي تجتمع فيها المساكن والقرى.
(٢) امتار أي : جمع الطعام والمئونة. والميرة : الطعام الذي يدّخره الإنسان.
(٣) أنوار التنزيل ٣ : ٦٥.