(وَلا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزائِنُ اللهِ) خزائن رزقه وأمواله ، فأدّعي فضلا عليكم كما تقولون في الدنيا ، حتّى تجحدوا فضلي بقولكم : «وَما نَرى لَكُمْ عَلَيْنا مِنْ فَضْلٍ» (وَلا أَعْلَمُ الْغَيْبَ) عطف على (عِنْدِي خَزائِنُ اللهِ) أي : ولا أقول أنا أعلم الغيب حتّى تكذّبوني استبعادا. أو حتّى أطّلع على ما في نفوس أتباعي وضمائر قلوبهم ، وأعلم أنّ هؤلاء اتّبعوني بادي الرأي من غير بصيرة وعقد قلب. وعلى الثاني يجوز عطفه على «أقول».
(وَلا أَقُولُ إِنِّي مَلَكٌ) حتّى تقولوا : (ما أَنْتَ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنا)(وَلا أَقُولُ لِلَّذِينَ تَزْدَرِي أَعْيُنُكُمْ) أي : لا أحكم في شأن من استرذلتموهم وتعيب أعينكم لفقرهم (لَنْ يُؤْتِيَهُمُ اللهُ خَيْراً) فإنّ ما أعدّه الله لهم في الآخرة خير ممّا آتاكم في الدنيا.
والازدراء افتعال ، من : زرى عليه إذا عابه ، قلبت تاؤه دالا لتجانس الراء في الجهر.
والإسناد إلى الأعين للمبالغة ، وللتنبيه على أنّهم استرذلوهم من غير رؤية ، بما عاينوا من رثاثة حالهم وقلّة منالهم ، دون تأمّل في كمالاتهم ومعانيهم. (اللهُ أَعْلَمُ بِما فِي أَنْفُسِهِمْ) بما في قلوبهم من الإخلاص وغيره (إِنِّي إِذاً لَمِنَ الظَّالِمِينَ) إن قلت شيئا من ذلك المذكور.
(قالُوا يا نُوحُ قَدْ جادَلْتَنا فَأَكْثَرْتَ جِدالَنا فَأْتِنا بِما تَعِدُنا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (٣٢) قالَ إِنَّما يَأْتِيكُمْ بِهِ اللهُ إِنْ شاءَ وَما أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ (٣٣) وَلا يَنْفَعُكُمْ نُصْحِي إِنْ أَرَدْتُ أَنْ أَنْصَحَ لَكُمْ إِنْ كانَ اللهُ يُرِيدُ أَنْ يُغْوِيَكُمْ هُوَ رَبُّكُمْ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (٣٤) أَمْ يَقُولُونَ افْتَراهُ قُلْ إِنِ افْتَرَيْتُهُ فَعَلَيَّ إِجْرامِي وَأَنَا بَرِيءٌ مِمَّا تُجْرِمُونَ (٣٥))