يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بابٍ (٢٣) سَلامٌ عَلَيْكُمْ بِما صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ (٢٤))
ثمّ بيّن سبحانه الفرق بين المؤمن والكافر بقوله : (أَفَمَنْ يَعْلَمُ أَنَّما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُ) فيستجيب (كَمَنْ هُوَ أَعْمى) عمى القلب ، لا يستبصر فيستجيب.
والهمزة لإنكار أن تقع شبهة في تشابههما بعد ما ضرب من المثل. يعني : لا شبهة في أنّ حال من علم أنّ ما أنزل إليك من ربّك فاستجاب ، بمعزل من حال الجاهل الّذي لم يستبصر فيستجيب ، كبعد ما بين الزبد والماء ، والخبث غير النافع وخلاصة الفلزّة الّتي ينتفع بها.
(إِنَّما يَتَذَكَّرُ أُولُوا الْأَلْبابِ) ذوو العقول المبرّأة عن مشايعة الأهواء ومعارضة الأوهام ، فإنّ أرباب العقول الصافية يتفكّرون ويستبصرون ، فيعلمون قضايا عقولهم.
(الَّذِينَ يُوفُونَ بِعَهْدِ اللهِ) ما عقدوه على أنفسهم من الاعتراف بربوبيّته حين قالوا «بلى». أو ما عهد الله عليهم في كتبه. (وَلا يَنْقُضُونَ الْمِيثاقَ) ما وثقوه من المواثيق بينهم وبين الله تعالى وبين العباد. وهو تعميم بعد تخصيص.
(وَالَّذِينَ يَصِلُونَ ما أَمَرَ اللهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ) من الرحم ، وموالاة المؤمنين ، والإيمان بجميع الأنبياء. ومنه وصل قرابة رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وهم أهل بيته المعصومون عليهمالسلام وذرّيّتهم ، والإحسان إليهم ، والذبّ عنهم ، ونصرتهم ، والنصيحة لهم ، وعيادة مرضاهم ، وحضور جنائزهم.
روى محمد بن الفضيل عن موسى بن جعفر الكاظم عليهالسلام في هذه الآية قال : هي صلة آل محمّد معلّقة بالعرش تقول : اللهمّ صل من وصلني ، واقطع من قطعني».
ويندرج فيه أيضا مراعاة صلة الرحم وجميع حقوق الناس.