روى أصحابنا أنّ أبا عبد الله عليهالسلام لمّا حضرته الوفاة قال : «أعطوا الحسن بن الحسين بن علي بن الحسين ـ وهو الأفطس ـ سبعين دينارا. فقالت له أمّ ولد له : تعطي رجلا حمل عليك بالشفرة! فقال : ويحك أما تقرئين قول الله تعالى : (وَالَّذِينَ يَصِلُونَ ما أَمَرَ اللهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ)؟!».
(وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ) وعيده كلّه عموما (وَيَخافُونَ سُوءَ الْحِسابِ) خصوصا.
فيحاسبون أنفسهم قبل أن يحاسبوا.
(وَالَّذِينَ صَبَرُوا) على ما تكرهه النفس ويخالفه الهوى ، من أوامر الله وسائر مشاقّ التكليف ، والمصائب في النفوس والأموال ، وعن المعاصي (ابْتِغاءَ وَجْهِ رَبِّهِمْ) طلبا لرضاه ، لا لغرض آخر من الأغراض الدنيويّة ، كسمعة وطمع عوض وغيرهما.
(وَأَقامُوا الصَّلاةَ) المفروضة (وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْناهُمْ) بعضه الّذي وجب عليهم إنفاقه من الحلال ، لأنّ الحرام لا يكون رزقا (سِرًّا) لمن لم يعرف بالمال (وَعَلانِيَةً) لمن عرف به ، دفعا للتهمة.
(وَيَدْرَؤُنَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ) ويدفعونها بها ، فيجازون الإساءة بالإحسان.
عن ابن عبّاس : يدفعون بالحسن من الكلام ما يرد عليهم من سّيء غيرهم. وعن الحسن إذا حرموا أعطوا ، وإذا ظلموا عفوا ، وإذا قطعوا وصلوا. أو يتبعون السيّئة الحسنة ، فتمحوها ، كما
في الحديث : «أتبع السيّئة الحسنة تمحقها».
وأيضا قال صلىاللهعليهوآلهوسلم لمعاذ بن جبل : «إذا عملت سيّئة فاعمل بجنبها حسنة تمحها».
(أُولئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ) عاقبة الدار وما ينبغي أن يكون مآل أهلها ، وهي الجنّة ، لأنّها الّتي أراد الله أن تكون عاقبة الدنيا ومرجع أهلها. الجملة خبر الموصولات إن رفعت بالابتداء. وإن جعلت صفات لـ (أُولُوا الْأَلْبابِ) فاستئناف بذكر ما استوجبوا بتلك الصفات.