الّتي بينكم من المنازعة بالمحابّة والائتلاف ، والمساعدة والمواساة فيما رزقكم الله تعالى ، وتسليم أمره إلى الله والرسول.
وقال الزّجاج : «ذات بينكم» أي : حقيقة وصلكم ، ومنه : (لَقَدْ تَقَطَّعَ بَيْنَكُمْ) (١) أي : وصلكم واجتماعكم على أوامر الله.
(وَأَطِيعُوا اللهَ وَرَسُولَهُ) فيه (إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) فإنّ الإيمان يقتضي ذلك.
أو إن كنتم كاملي الإيمان ، فإنّ كمال الايمان بطاعة الأوامر ، والاتّقاء عن المعاصي ، وإصلاح ذات البين بالعدل والإحسان.
(إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذا ذُكِرَ اللهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آياتُهُ زادَتْهُمْ إِيماناً وَعَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (٢) الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ (٣) أُولئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَهُمْ دَرَجاتٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ (٤) كَما أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ فَرِيقاً مِنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكارِهُونَ (٥) يُجادِلُونَكَ فِي الْحَقِّ بَعْدَ ما تَبَيَّنَ كَأَنَّما يُساقُونَ إِلَى الْمَوْتِ وَهُمْ يَنْظُرُونَ (٦))
ثمّ بيّن صفة خلّص المؤمنين بقوله : (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ) أي : الكاملون في الإيمان (الَّذِينَ إِذا ذُكِرَ اللهُ) ذكر عندهم عقوبته وعدله ، ووعيده على المعاصي بالعقاب ، واقتداره عليه (وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ) فزعت لذكره تهيّبا من جلاله ، واستعظاما
__________________
(١) الأنعام : ٩٤.