له. وأمّا إذا ذكرت نعمة الله على عباده ، وإحسانه إليهم ، وفضله ورحمته عليهم ، وثوابه على الطاعات ، اطمأنّت قلوبهم ، كما قال تعالى : (أَلا بِذِكْرِ اللهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ) (١) ، وسكنت نفوسهم إلى عفو الله ، فلا تنافي بين الآيتين.
وقيل : هو الرجل يهمّ بمعصية فيقال له : اتّق الله ، فينزع عنها خوفا من عقابه.
(وَإِذا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آياتُهُ زادَتْهُمْ إِيماناً) لزيادة المؤمن به ، أي : ازدادوا يقينا وطمأنينة نفس وتصديقا بها ، منضمّا إلى يقينهم بما أنزل قبل ذلك من القرآن ، كما روي عن ابن عبّاس أنّ المعنى زادتهم تصديقا مع تصديقهم بما أنزل إليهم قبل ذلك. يعني : أنّهم يصدّقون بالأولى والثانية والثالثة ، وهكذا فكلّ ما يأتي من عند الله فيزداد تصديقهم كميّة لا كيفيّة ، لأنّ الإيمان لا يقبل الزيادة والنقصان عندنا.
وقيل : إنّ المراد ازدياد الايمان ، لاطمئنان النفس ورسوخ اليقين بتظاهر الأدلّة ، أو بالعمل بموجبها. وهو قول من قال : إنّ الايمان يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية ، بناء على أنّ العمل داخل فيه.
(وَعَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ) يفوّضون إليه أمورهم ، ولا يخشون ولا يرجون إلّا إيّاه.
(الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ) إنّما خصّ فرض الصلاة والزكاة بالذكر لعظم شأنهما ، وتأكّد الأمر فيهما.
(أُولئِكَ) المستجمعون لهذه الخصال الحميدة (هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا) هم الّذين استحقّوا إطلاق اسم الإيمان حقيقة عليهم ، لأنّهم حقّقوا إيمانهم ، بأن ضمّوا
__________________
(١) الرّعد : ٢٨.