إليه مكارم أعمال القلوب ، من الخشية والإخلاص والتوكّل ، ومحاسن أفعال الجوارح الّتي هي المعيار عليها ، من الصّلاة والصدقة. و «حقّا» صفة مصدر محذوف ، أي : إيمانا حقّا. أو مصدر مؤكّد للجملة الّتي هي (أُولئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ) كما تقول : هو عبد الله حقّا ، أي : حقّ ذلك حقّا.
(لَهُمْ دَرَجاتٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ) شرف وكرامة وعلوّ منزلة. وقيل : درجات الجنّة يرتقونها بأعمالهم. (وَمَغْفِرَةٌ) وتجاوز لما فرط منهم من السيّئات (وَرِزْقٌ كَرِيمٌ) أي : حظّ عظيم أعدّ لهم فيها على سبيل التعظيم لا ينقطع عدده ، ولا ينتهي أمده. وهذا معنى الثواب.
(كَما أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ) الكاف في محلّ الرفع على أنّه خبر مبتدأ محذوف ، تقديره : هذه الحال كحال إخراجك. والمعنى : أنّ حالهم في كراهة ما حكم الله في الأنفال ، مثل حالهم في كراهة خروجك من بيتك للحرب.
ويجوز أن يكون في محلّ النصب ، على أنّه صفة لمصدر الفعل المقّدر في قوله : (الْأَنْفالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ) أي : الأنفال استقرّت لله والرسول وثبتت مع كراهتهم ، ثباتا مثل ثبات إخراج ربّك إيّاك من بيتك مع كراهتهم ، يعني : من المدينة ، لأنّها مهاجره ومسكنه ، أو بيته فيها.
(بِالْحَقِ) أي : إخراجا ملتبسا بالحكمة والصواب الّذي لا محيد عنه.
وسبب كراهتهم أنّ عير قريش أقبلت من الشام وفيها تجارة عظيمة ، ومعها أربعون راكبا ، منهم أبو سفيان وعمرو بن العاص وعمرو بن هشام ، فأخبر جبرئيل رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فأخبر المسلمين ، فأعجبهم تلقّي العير ، لكثرة المال وقلّة الرجال.
فلمّا خرجوا بلغ أهل مكّة خروجهم ، فنادى أبو جهل فوق الكعبة : يا أهل