روي أنّ قريش قالوا : الله أعظم من أن يكون رسوله بشرا ، أو لا يرسل الله إلينا بشرا مثلنا ، فنزلت : (وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجالاً نُوحِي إِلَيْهِمْ) أي : جرت السنّة الإلهيّة بأن لا يبعث للدعوة العامّة إلّا بشرا يوحي إليه على ألسنة الملائكة ، والحكمة في ذلك مذكورة في سورة الأنعام (١) ، فإن شككتم فيه (فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ) أهل الكتاب أو علماء الأحبار ليعلّموكم (إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ).
وفي الآية دلالة على أنّه تعالى لم يرسل امرأة ولا ملكا للدعوة العامّة. وأما قوله : (جاعِلِ الْمَلائِكَةِ رُسُلاً) (٢) معناه رسلا إلى الملائكة أو إلى الأنبياء. وقيل : لم يبعثوا إلى الأنبياء إلّا متمثّلين بصورة الرجال. وردّ بما روي أنّه صلىاللهعليهوآلهوسلم رأى جبرئيل عليهالسلام على صورته الّتي هو عليها مرّتين.
وعلى وجوب المراجعة إلى العلماء فيما لا يعلم.
(بِالْبَيِّناتِ وَالزُّبُرِ) أي : أرسلناهم بالبيّنات والزبر ، أي : المعجزات والكتب ، كأنّه جواب قائل قال : بم أرسلوا؟ ويجوز أن يتعلّق بـ «ما أرسلنا» داخلا في الاستثناء مع «رجالا» ، أي : وما أرسلنا إلّا رجالا بالبيّنات ، كقولك : ما ضربت
__________________
(١) راجع ج ٢ ص ٣٦٣.
(٢) فاطر : ١.