أي : على أولياء الله المؤمنين به والمتوكّلين عليه ، فإنّهم لا يطيعون أوامره ، ولا يقبلون وساوسه ، إلّا فيما يحتقرون على ندور وغفلة ، ولذلك أمروا بالاستعاذة. فذكر نفي السلطنة بعد الأمر بالاستعاذة ، لئلّا يتوهّم أنّ له سلطانا.
(إِنَّما سُلْطانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ) يحبّونه ويطيعونه في إغوائه (وَالَّذِينَ هُمْ بِهِ) بالله ، أو بسبب الشيطان (مُشْرِكُونَ).
(وَإِذا بَدَّلْنا آيَةً مَكانَ آيَةٍ وَاللهُ أَعْلَمُ بِما يُنَزِّلُ قالُوا إِنَّما أَنْتَ مُفْتَرٍ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ (١٠١) قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ لِيُثَبِّتَ الَّذِينَ آمَنُوا وَهُدىً وَبُشْرى لِلْمُسْلِمِينَ (١٠٢) وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّما يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ لِسانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهذا لِسانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ (١٠٣))
ثمّ قال مخبرا عن إسناد الكفّار الافتراء إلى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم بالنسبة إلى القرآن ، فقال : (وَإِذا بَدَّلْنا آيَةً مَكانَ آيَةٍ) بالنسخ ، فجعلنا الآية الناسخة مكان المنسوخة لفظا أو حكما (وَاللهُ أَعْلَمُ بِما يُنَزِّلُ) من المصالح ، فلعلّ ما يكون مصلحة في وقت يصير مفسدة بعده فينسخه الله ، وما لا يكون مصلحة حينئذ يكون مصلحة الآن فيثبته مكانه. وقرأ ابن كثير وأبو عمرو : ينزل بالتخفيف.
وهذا اعتراض لتوبيخ الكفّار على قولهم ، والتنبيه على فساد سندهم ، واقع بين الشرط وبين جوابه ، وهو قوله : (قالُوا) أي : الكفرة (إِنَّما أَنْتَ مُفْتَرٍ) متقوّل على الله ، تأمر بشيء ثمّ يبدو لك فتنهى عنه.
وروي عن ابن عبّاس : أنّهم كانوا يقولون إنّ محمّدا يسخر من أصحابه ، يأمرهم اليوم بأمر وينهاهم عنه غدا فيأتيهم بما هو أهون. ولقد افتروا ، فقد كان