ينسخ الأشقّ بالأهون ، والأهون بالأشقّ ، والأهون بالأهون ، والأشقّ بالأشقّ ، لأنّ الغرض المصلحة لا الهوان والمشقّة.
(بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ) حكمة الأحكام ، ولا يميّزون الخطأ من الصواب.
(قُلْ) ردّا لقولهم : (نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ) يعني : جبرئيل. وإضافة الروح إلى القدس ـ وهو الطهر ـ كقولهم : حاتم الجود وزيد الخير. والمراد الروح المقدّس ، أي : المطهّر من المآثم. وقرأ ابن كثير : روح القدس بالتخفيف. وفي «ينزّل» و «نزّله» تنبيه على أنّ إنزاله مدرّجا على حسب المصالح إنّما يقتضي التبديل. (مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِ) ملتبسا بالحكمة.
(لِيُثَبِّتَ الَّذِينَ آمَنُوا) على الإيمان بأنّه كلامه ، فإنّهم إذا سمعوا الناسخ وتدبّروا ما فيه من رعاية الصلاح والحكمة ، رسخت عقائدهم ، واطمأنّت قلوبهم.
ومعنى تثبيته : استدعاؤه لهم بألطافه ومعونته إلى الثبات على الإيمان.
(وَهُدىً وَبُشْرى لِلْمُسْلِمِينَ) المنقادين لحكمه. وهما معطوفان على محلّ «ليثبّت» أي : تثبيتا وهداية وبشارة. وفيه تعريض بحصول أضداد ذلك لغيرهم.
(وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّما يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ) يعنون جبر الرومي غلام عامر بن الحضرمي. وقيل : عبدان : جبر ويسار ، كانا يصنعان السيوف بمكّة ، ويقران التوراة والإنجيل ، وكان الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم يمرّ عليهما ويسمع ما يقرءانه. وقيل : عائشا أو يعيش غلام حويطب بن عبد العزّى ، وقد أسلم وحسن إسلامه ، وكان صاحب كتب. وقيل : سلمان الفارسي ، قالوا : يتعلّم القصص منه. وعن ابن عبّاس : قالت قريش : إنّما يعلّمه بلعام ، وكان قينا (١) بمكّة روميّا نصرانيّا.
ثمّ ألزمهم الله تعالى الحجّة وأكذبهم بأن قال : (لِسانُ الَّذِي) أي : لغة الرجل الّذي (يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ) يميلون قولهم عن الاستقامة إليه (أَعْجَمِيٌ) أعجميّة عبريّة (وَهذا) القرآن (لِسانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ) ذو بيان وفصاحة.
__________________
(١) القين : العبد والحدّاد.